“نص خبر “- كمال طنوس
وداعاً جوليا الذي جال المهرجانات العالمية، انطلق عرضه قبل أسابيع على نتفليكس.
فيلم لمحمد كردفاني وهو أول فيلم سوداني يعرض كاختيار رسمي لمهرجان كان لعام 2024.
هذا الفيلم العاطفي بالدرجة الأولى. يصور تقاطع شخصيتان منى وجوليا في ظروف قدرية ويصبح هذا اللقاء أشبه بالصراع القائم بين جنوب السودان وشمالها.
شمال وجنوب السودان
انها العلاقة المعقدة والاختلافات بين مجتمعات شمال وجنوب السودان. تدور الاحداث في الخرطوم خلال السنوات الأخيرة من السودان كدولة موحدة ، قبل وقت قصير من انفصال جنوب السودان عام 2011.
منى “ايمان يوسف”، مسلمة ومغنية شعبية سابقة من الشمال، تعيش مع زوجها أكرم، تسعى إلى تخفيف شعورها بالذنب لتسببها في وفاة رجل جنوبي من خلال توظيف زوجته جوليا “سيران رياك ملكة جمال السودان السابقة” وهي مسيحية وتعيش مطمئنة، كخادمة لها.
بطيء ولكن..
الفيلم الذي بدا بطيئاً في مساره ومعتماً في صورته لكن يفيض بالمشاعر ويختصر قصصاً يعيشها الكثيرين من شعوبنا في الحب والانتقام والضغينة فيما بينهم لمجرد أن هناك اختلاف ديني أو بيئي.
جوليا ومنى يكسران القاعدة وتبنيان الحب بالرغم من أنه اتى على قاعدة الشعور بالذنب لكن هذا الحب كان حقيقياً فمنى لا تعامل جوليا كخادمة بل كصديقة. ووقوفها دوماً بقربها ومساعدتها لم يعد فقط لإنها السبب في مقتل زوجها بل تعدتها أبعد من ذلك فأخذت على عاتقها تعليم ابنها في أفضل المدراس. وشاركتها زيارة الكنيسة وغنت مع الكورال هناك وهذا يعتبر من الكبائر، وباتا يتشاركان أدق التفاصيل في المشاعر والبوح والأسرار.
علاقات زوجية مريضة
الفيلم يذهب ابعاداً في تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة بكل ما يحكمها من خوف وارتباك وشك وغيرة. فعلاقة منى بزوجها أكرم ليست على ما يرام بالرغم من تلك الهالة حول هذه العلاقة التي نظن انها مثالية خاصة بحب أكرم لمنى. وهذا يفتح باباً على العلاقات الزوجية التي يحكمها التستر والخوف والمسايرة والتصنع للحفاظ على الزواج الذي لا يكون سعيداً ويكون الحب فيه تمثيلاً أو تهيأّ.
الحكاية واقعية وفيها عرق أخضر طري يبقى حاضراً عند أي ظرف وفي أي وقت فمثل هذه العلاقات والصور لا تلبث مجتمعاتنا تعيشها. فهذه الخلافات العرقية والدينية والطبقية يمكن أن يتخطاها الفرد إذا أراد كما فعلت جوليا ومنى. عندما يحكم التسامح والإنسانية.
قمة الوفاء والخجل تكمن في موقف في هذا الفيلم المحلي الخالص لكن يمكن أن يشلح نفسه على كل فرد في العالم ويخاطبه، وهو عندما باحت جوليا بأنها كانت تعرف بحقيقة موت زوجها على يد أكرم زوج منى ولم تبح بذلك وبقيت تكن لمنى الإخلاص والحب والخدمة.
جوليا الشخصية الفريدة
جوليا التي نراها قمة في التسامح وقمة في الهدوء والطمأنينة بالرغم من الفقر والوحدة والخوف الذي يطاردها كونها تعيش في بيئة ترفضها كمواطنة جنوبية. لكن السماح الذي فيها مبهر. وكأن بك تريد أن تقضي وقتاً طويلاً معها لتتعلم الصبر والحب والصلابة.
منى التي كسرت كل التقاليد السائدة ووقفت في وجه زوجها أصرت على محاباة جوليا بالرغم من أن الشمال لا يتأخى مع الجنوب لكن منى تأخت.
فيلم جوليا يستحق المشاهدة فهو فيلم غير واعظ لكنه استطاع أن يردم الهوة بين المجتمعات المتناحرة آخذاً قصة قصيرة ومدها طولاً وعرضاً ودخل في المكنونات وشرح الشخصيات وبعثها حكاية تحضر كمثال عن التآخي وبناء الأواصر الإجتماعية بعيداً عن التفرقة.