ما الشعر من دون هذا الكتاب من نحن دونه؟ – عبدالزهرة زكي

24 ديسمبر 2023
د.عبدالزهرة زكي – شاعر وكاتب عراقي
قبل ستة أعوام كتبت عن هذا الكتاب (أنشودة المطر) بطبعته الأولى الصادرة عن منشورات مجلة شعر البيروتية. كانت مناسبة ذلك هي مصادفة عثوري على نسخة من تلك الطبعة.
كانت لدي نسخة منها لكنها اختفت، فاستعضت عنها بأكثر من نسخة من طبعات تااية لأعمال أبي غيلان. إلا أن للطبعة الأولى أثرها المهم، تاريخيا وثقافيا، وهذا ما دفعني لشراء نسخة من الطبعة الأولى المضاعة بعدما عثرت عليها بالمصادفة.  إن للطبعة الأولى من كتاب السياب أثراً لم نقف عنده كثيراً. هذا كتاب وضعنا ووضع الشعر العربي أمام طبيعة أخرى للشعر هي غيبر تلك التي ظلت راسخة وراكدة في ثقافتنا وحياتنا.
ترافقت مع هذا الديوان دواوين أخرى لشعراء آخرين في ذلك الحين، لكن ما فعله الشاعر السياب، ورسّخه بهذا الديوان هو غير ما فعلته تلك الدواوين التي نشرها شعراء آخرون في سنة صدور (أنشودة المطر)، ولا حتى دواوينه التالية.
لقد غير السيابُ بهذا الديوان الشعرَ، ومعه تغير إحساسنا باللغة، كما تغير وجداننا، حتى يمكننا القول إن أبا غيلان أخذ بنا إلى حيث يجب أن نكون، في عصرنا وعالمنا المعاصر.
أحياناً، في حياتنا الثقافية العراقية، نبالغ بنكران الجميل، ونتعسف في القسوة، ونمعن بالزهد بما يحققه فرد منا، والشعر عمل افراد، لكن التاريخ له منطقه الآخر.
ومن المنطق الآخر للتاريخ يطل السياب بثقة تمتزج بشيء من القلق على لحظتنا الراهنة، وهي لحظة تمضي هنا حيناً نحو الارتداد، فيما يمضي فيها الشعر طويلاً في تحرره وتقدمه وتغيره، وما كان لهذا أن يتحقق بهذه الوتيرة من دون ذلك الجهد الكثيف والعميق الذي أودعته البداية الأولى العميقة التي انطلقت من لحظة السياب، لحظة ديوانه (أنشودة المطر)، حتى ليمكننا التساؤل:” ما الشعر من دون هذا الكتاب، من نحن من دون صاحب الكتاب؟”.
استذكر الوفاة المأساوية للشاعر فأحتفي بذكرى ميلاد ديوانه الأول.
قد يعجبك ايضا