كاسيميرو  دراما النجاح… من الفقر ولد كل هذا  الشغف!

وسام كنعان- دمشق 

7 أغسطس 2023

من دون شكّ تحوّلت كرة القدم إلى قوة اقتصادية، خاصة في بلد مثل البرازيل التي صنعت من أولاد الشوارع ثروة قومية! هكذا، صارت شوارع أمريكا اللاتينية مخصصة لكرة القدم‏,‏ وفى البرازيل وحدها عشرة ملايين طفل يلعبون في الشوارع‏,‏ وإذا أراد أحد الأندية أن يبحث عن موهبة خارقة ما  بحثوا في الشوارع.

حتى أن الجوهرة السوداء بيليه كان مرّة يتجوّل في واحد من أحياء ساو باولو فتوقف فجأة ليتفرج علي طفل يلعب‏. كأنه استعاد معه شيء من طفولته، بعد أن انتهى من المتعة العامرة بالدهشة حمله على الفور  مع أبويه إلى أحد الملاعب الكبرى‏,‏ وتعاقد الأب مع النادي‏,‏ وانضم الطفل الموهوب إلي أطفال آخرين في النادي.  ربما لكلّ ذلك ولأسباب أخرى كتبت مرّة صحيفة التايمز البريطانية موضوعاً يقول: “لا تشغل بالك كثيراً بمستقبل أولادك.. لا تضرب ولا توجع دماغك وقلبك.. المستقبل المضمون هو أن يعمل أولادك في مناجم الحديد أو صناعة الصلب فأغنى أغنياء بريطانيا رجل هندي صناعته استخراج الحديد وبيعه صلباً. أما النصيحة الثانية فهي أن تترك أولادك يلعبون كرة القدم!”

ولعلّ لاعب موهوب مثل كارلوس هنريكي كاسيميرو المعروف باسم كاسيمرو (1992) كان واحد من هؤلاء الأطفال المشرّدين، الذين عثر عليهم في الأزقة الخاوية والطرقات الوعرة وهو يصوغ المشهد الفقير ليحيله إلى جمال مترف بالموهبة والقوة معاً! يستنتج ذلك من حديثه عن أمه مرّة بالقول : “والدتي كانت تشتغل عاملة في البيوت 7 أيام في الأسبوع بعد أن تركنا والدي عندما كنت في الثالثة من عمري، لا أتذكر أبي ولا أريد معرفته”

وتابع: “ما أتذكره جيداً وفخور به كثيراً هو أنني عندما تقاضيت مبلغاً معتبراً من المال من كرة القدم، أخذت المال واشتريت منزلاً لوالدتي التي عانت وكابدت حتى أصل إلى ما أنا عليه الآن”.

مع الوقت صار الرجل يعد من ألمع لاعبي الوسط في العالم، ومن أهم اللاعبين في مركزه، لدرجة أن قدومه من ريال مدريد إلى مانشستر يونايتد قلب الموازين وأعاد هيبة النادي البريطاني وحصد البرازيلي الأسمر سريعاً محبة  “أولد ترافورد” وتشجيعه المستمر. لكن التوفيق لم يكن من نصيبه مع زملائه في المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم قطر 2022 بعد أن كانوا مرشحين لحصد اللقب لكنهم سقطوا في مصيدة كرواتيا وغادروا بعد إقصائهم بضربات الجزاء. بعد هذه الواقعة انتشر اليأس في صفوف راقصي السامبا وحده كاسيمرو عرف كيف ينهض من تحت الرماد، ويعود لألقه متطلعاً إلى الأمام، كونه مثالاً لقطف الحماس ولو من نسمات الهواء الطلق، وإحالة السراب إلى شغف وهدف، بقوة حضوره وبنيته الجسدية المتينة وروح التحدي التي تسيطر عليه!  لذا خرجت الصحافة البرازيلية  بمقال تشرح  ماذا حصل مع لاعبي البرازيل بعد الهزيمة فتقول : “بعد الهزيمة بركلات الترجيح أمام كرواتيا، أُصيب العديد من اللاعبين البرازيليين باليأس وسقطوا على الأرض… بينما وقف كاسيميرو متحسّراً لكن بطريقة هادئة جداً، ثم عاد اللاعبون إلى أنديتهم بعد الإجازة ”

واستطردت بالقول: “من بين اللاعبين الستة الأساسيين في خط الوسط والهجوم يبدو أن كاسيميرو هو الوحيد الذي لم يهتز من الفشل الذريع في قطر، فبعد كأس العالم لعب 7 مباريات مع مانشستر يونايتد وفاز الفريق بجميع المباريات، تولّى كاسيميرو قيادة خط الوسط وتلقّى الكثير من الثناء من الصحافة  على الجانب الآخر، لعب نيمار 4 مباريات مع PSG دون تسجيل أي هدف ومع كثير من الإنذارات ! كما فشل فينيسيوس في التسجيل في المباريات الأربع التي خاضها مع ريال مدريد بعد كأس العالم. رافينيا أيضا يقضي وقتاً طويلاً جداً على مقاعد البدلاء في برشلونة و ريتشارليسون عاد ليلعب فقط في وقت متأخر!” ليخلص الكاتب الرياضي إلى نتيجة مفادها : ” اللاعب العظيم هو من ينهض بسرعة بعد الهزائم الكبيرة وهذا هو كاسيميرو، الأشخاص الذين ليس لديهم نفس هذه القوة العقلية يجرّون أنفسهم لأشهر من التعافي من خيبة الأمل وهذا ما يحدث مع بقية اللاعبين”

قد يعجبك ايضا