كارول صنصور: المشهد طارد لكل ما هو مختلف وجديد

12 أغسطس 2023

حاورها: هاني نديم

في نص خاص جداً، تتجول الشاعرة الفلسطينية كارول صنصور لتقدم تصوراً شفيفاً من الشعر الحديث، النص المغلق المفتوح على العالم، نص كصاحبته لا يحب التصنيفات ولا يركن إلى الطمأنينة رغم لغته الراسخة والتي لا تبالغ في النظر إلى أعطافها. 

كارول تسافر بقصائدها بين أنحاء العالم وتحتك كثيراً مع الشعر العالمي، ووجدتها فرصة لمراجعة بعض الأسئلة معها، سألتها:

  • كيف ترين العلاقة بين الشعر العربي والعالمي، كيف هي العلاقة، المعجمية، الفكرية، التقنية، الطرح والأفكار؟ هل كل منا في كوكب بعيد عن الآخر أم نقاط الاشتراك أكثر؟

– أعتقد أن هناك من يصر على فصلنا عن العالم في الشعر بدعوى أن للشعر العربي تعريفات تاريخية واضحة لكن الحقيقة أننا نشترك مع بقية العالم في القسم الأكبر من خبراتنا ووعينا ولذلك يصعب تصور مثل هذه القطيعة. السؤال بالنسبة لي هو كيف نتخلص من افتراضات ثقافات أقوى أو أوسع انتشارًا عما نكتبه أو ما يجب أن نكتبه، ومن نكون.

الشعر عندي هو طريقة مركزة لقول نفسي، ونفسي هذه فضلًا عن كونها تنطوي على قطاعات متنوعة من العالم والشعر المكتوب بلغات العالم هي مساحة تداخل فكري وتقني وعاطفي مع ما أراه وأعيشه وما يمكن أن ينعكس في ذلك من العالم الواسع وكيفية إدارته وتأثير القوي على الضعيف. الحقيقة أني نادرًا ما أعثر على شعر غربي أحبه – وإن كان ذلك ينطبق على الشعر العربي بنفس القدر- والحاصل أنني في صدد تعلم اللغة اليونانية عثرت في الشاعرة اليونانية المعاصرة كاترينا غوغو على توأم روحي فعلًا، ومن ثم ترجمت مختارات من أعمالها بالفعل والمجموعة على وشك الصدور عن دار ميتافورا هذا العام (اللهم لا حسد).

فلسطين ليست قضية. فلسطين هي حياتي

  • هل تدخل فلسطين والمنبت الأول على نصوصك؟ هل تفكرين بهذا حينما تكتبين؟

– قلت من قبل – وأسيء فهمي، عن عمد أحيانًا! – إن فلسطين ليست قضية. وما كنت قصده بذلك هو أن فلسطين هي حياتي وهويتي على كل المستويات، ليس كمنبت أول فقط ولكن كمعنى للوجود ونظرة للعالم. أنا دائمًا أكتب عن نفسي وحياتي، وحتى حين لا يكون هناك شيء فلسطيني في نصي فإن فلسطين دائمًا هناك. فلسطين التي لا أفكر فيها حين أكتب والتي تظل بعيدة عن نصوصي هي فلسطين الشعار و”المبدأ” المفرّغ من كل خبرة إنسانية.

  • بنظرة من خارج الكادر، كيف ترين المشهد العربي؟ ما الذي ينقصه وما هي أهم ملامحه بالنسبة لك؟

– أحاول أن أنظر إلى الجانب المضيء من ذلك المشهد، وأتصل بمن يشبهونني ويشاركونني القيم التي تعنيني وهم قلة قليلة جدًا. لست متأكدة ماذا تعني بالمشهد هل هو المشهد الأدبي أو شيء أوسع من ذلك، لكني أظن أن الإجابة واحدة في الحالتين: إنه مشهد فساد وكسل أخلاقي واستسهال، وهو مشهد طارد لكل ما هو مختلف أو جديد ليس فقط لأن هناك مصالح دائمًا، ولكن أيضًا لأنه أسير تراث متخيل ومنظومات قيمية زائفة.

المشهد ينقصه التنوع والحياد والمعرفة والحرية، لكن هذه أشياء لا يمكن أن تتوفر إلا حين تتغير الثقافة السائدة ويُسمح الناس للناس بالإبداع والتمرد خارج قنوات السوق وبعيدًا عن تعليمات المؤسسات الغربية المهيمنة بالسلطة والمال، والتي وإن بشرت بالديمقراطية والتنوع ليست سوى صورة أخرى للقمع والقسر الذي تمارسه مؤسساتنا الاجتماعية المهترئة. ومع ذلك، هناك طاقة اكتشاف وتحول هائلة في المشهد العربي وإن ظلت كامنة ومكبوتة. هذا وحده سبب للإيمان بشيء.

الشعر هو طريقة مركزة لقول نفسي، ونفسي مساحة تداخل فكري وتقني وعاطفي مع ما أراه وأعيشه

 

  • ماذا عنك خارج الكتابة، من هي كارول صنصور؟

– أفكر فيما قالت كاترينا غوغو:

أنا المطر أنا الجواب أنا الإثبات أريدُ كل َّشيء

أريد استرجاع كل َّشيء

لن أُمْسَك

فدائرة وهمية تحميني.

أنا غبارٌ ذهبيٌّ، أنا الألوان، أنا نورس

المسيسيبي.

أنا زنوج البلوز أنا نيو أورلينز

أنا ولدٌ محاربٌ.

امرأة

أنا امرأة، أنا طفلة

أنا ريح غير آمنة في جوف الأرض.

أنا القصائد العميقة تهتزُّ تحتها.

 

 

قد يعجبك ايضا