فيلم His only son.. دسّ السّم في العسل ورسائل كراهية للفلسطينيين

الثلاثاء 4 أبريل 2023
إيمان إبراهيم – بيروت

في عرض مخصّص للصحافة، أفتتح الممثل اللبناني نيكولا معوّض في بيروت عرض فيلمه الهوليوودي His only son، الذي يتبنّى الرّواية اليهودية للنبي ابراهيم مستنداً إلى سفر التكوين، مع رسائل مبطّنة تقرأها بين السّطور.
تستطيع أن تكتفي بالتصفيق للفنان اللبناني نيكولا معوض الذي يلعب دور البطولة في الفيلم بعدما اختارته الجهة المنتجة في هوليوود من بين 1700 ممثل من جنسيات مختلفة ليلعب دور النبي ابراهيم، وتمكّن بإنتاج متواضع نسبة إلى إنتاجات هوليوود من احتلال المركز الثالث في شباك التذاكر في الولايات المتحدة الأميركية، كما تمكّن من إثبات صوابية خيار الشركة المنتجة من خلال لعبه دور النبي في ثلاث مراحل عمرية مختلفة.


إلا أنّ الاحتفاء بنجمٍ لبنانيٍ تصدّر عالمياً لا تخفي أن بين سطور الفيلم ومشاهده وحواراته رسائل لا تمرّ مرور الكرام.
تبدأ أحداث الفيلم عندما يجد النبي ابراهيم نفسه في حالة صراع بين طلب الله منه التضحية بابنه اسحق، يبدأ الجدل من هنا.. اسماعيل أم إسحاق؟
في النص القرآني ترد قصة تضحية النبي ابراهيم بشكل مختصر في سورة الصافات لا يُذكر فيها اسم الذبيح بشكل صريح: “وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين، رب هب لي من الصالحين. فبشرناه بغلام حليم. فلما بلغ معه السعي، قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما، وتلّه للجبين. وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا، إنا كذلك نجزي المحسنين. إنَّ هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبحٍ عظيم”.
أحدث غياب اسم الابن المضحّى به سجالاً كبيراً بين المفسّرين واختلفت الروايات حوله، إلا أنّ الفيلم تبنّى الرواية اليهودية التي تقول إنّ الابن هو اسحق.


يطلب الله من النبي أن يذهب إلى أرض المريا، وأن يضحّي هناك بابنه، فينصاع النبي ويأخذ معه أتباعه وابنه، وفي الطريق يعود بنا الفيلم على طريقة الفلاش باك إلى ماضي النبي ابراهيم، حين أتته الدعوة للمرّة الأولى صدّقها وآمن بها، ومعه زوجته سارة التي انتظرت الوعد الإلهي بأنّ تنجب ذريّة بعدد النجوم.
يضيء الفيلم على معاناة سارة من العقم بعد سنوات من الانتظار، كادت تكفر بالبشرى الإلهية قبل أن تقرّر تزويج النبي ابراهيم من خادمتها هاجر.
تثور سارة وتلوم النبي ابراهيم بعد حمل زوجته الثانية بالنبي اسماعيل، تتهمه بأنّه استغلّ لحظة ضعفها وعجزها ووافق على الزواج بأخرى وتركها أرضاً قاحلة، قبل أن تتحقّق المعجزة الإلهية وتحمل بالنبي اسحاق.
لا يأتي الفيلم على ذكر النبي اسماعيل، يضيء على ولادة اسحق في الخيمة واستقبال والديه له بالدموع، ذكريات توجع الأب الذي ينتظر الموعد المقرر ليقدّم ابنه قرباناً للرّب.


يسأله أحد مرافقيه غاضباً كيف أنّه تخلّى عن ابنه اسماعيل ووالدته هاجر ونفاهما إلى مصر، فيقول النبي مدافعاً إنّ الأمور وصلت إلى حدّ لا يطاق بسبب سخرية اسماعيل من أخيه إسحاق، وكذلك فعلت هاجر من سارة التي سبق وشكت منها للنبي، فأخبرها أنّ هاجر لا تزال خادمتها وأنّ عليها أن تعاملها على هذا الأساس. يخبره أنّه اضطرّ إلى نفي اسماعيل ووالدته بعد أن وعده الله أنّ الابن المنفي سينجب ذرّية من الملوك.
طريق العبور إلى مريا الأرض التي سيضحي فيها النبي ابراهيم بابنه، لم تكن وعرة حتى على النبي الطاعن في السّن. لكنها حافلة بالذكريات والأوجاع النفسيّة التي يقاسيها الأب.
رسائل قد تبدو غير بريئة يرسلها الفيلم على طريقة دسّ السم في العسل، حين يشاهد النبي ومرافقوه رجلاً يصارع الموت، يخبرهم أنّ ابنته خطفت قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وعلى قاعدة “إكرام الميت دفنه” يقترح النبي اسحق على والده دفن الضحية، إلا أنّ النبي ابراهيم يرفض بحجّة أنّ الدّفن يطمس الجريمة في حين أن الجثمان يبقى شاهداً على أنّ ثمة مجرماً مرّ من هنا.
يبدي النبي اسحق الكثير من الشّهامة حين يلتقي بالفتاة المخطوفة، يكاد يضحّي بحياته لينقذها، إلا أنّ والده النبي ابراهيم كما يصوّره الفيلم، يفضّل ترك الفتاة لمصيرها واقتياد ابنه إلى الذّبح.
مشهد محوري في الفيلم هو زبدة القصّة ربّما، حين يعاتب شاب فلسطيني يرافق النبي في رحلته إلى مريا لاحتقاره الشعب الفلسطيني، فيجيبه النبي أنّ هذا الشعب اعتاد على القتل والخطف مستشهداً بالأب الذي قتل وخطفت ابنته، ويخبره أنّ هؤلاء خطفوا زوجته وأسروها وعندما علموا أنّها زوجة النّبي، قاموا بإعادتها مع دفع تعويض كبير وخدم، كان منهم أهل الشاب.

متخاذلٌ بدا النبي في الفيلم، ضعيف، لا ينصر المظلوم، ولا يهزّه مشهد فتاة تقتاد أسيرة في أرضٍ قاحلة، يستمد قوّته من إيمانه بأنّ الله سينصره حتماً، حتى حين يهمّ بذبح ابنه لينقذه الله ويفديه بكبش.
يحتضن النبي ابنه ويخبره أنّه “ابنه الوحيد”، وهو اسم الفيلم الذي يختصر ذريّة النبي ابراهيم باسحق فقط، في استعادة لأحد أهم مشاهد الفيلم حين تحمل هاجر، فتخبر سارة النبي ابراهيم أنّ بيته انقسم إلى الأبد.
رسائل الفيلم قد لا تبدو بريئة، وقد لا يعيرها المشاهد العادي اهتماماً، إلا أنّها تمرّر رسائل خطيرة، تحصر الفلسطينيين في خانة الشعب الخائن، وتصوّر النبي اسماعيل بصورة المتنمّر الذي يغضب عليه والده وينفيه، في حين أن اسحق يسير صاغراً إلى الذبح مرضاةً لله. فهل يمرّ بعد عرضه جماهيرياً مرور الكرام؟
الفيلم طرح في 2600 صالة عرض في الولايات المتحدة الأميركية، كما طرح في أستراليا، كندا، نيوزلاندا، على أن ينطلق في دور العرض اللبنانية يوم 6 إبريل.
ويشارك نيكولا في بطولة الفيلم سارة سيد، دانيال داسيلفا، إيان ماسكوفتز، وهو من سيناريو إخراج ديفيد هيلينج.

قد يعجبك ايضا