11/ نيسان (إبريل) 2023
وسام كنعان
ذات مرّة أوقفت مجموعة من الشباب في دمشق، النجم السوري فايز قزق لإبداء إعجابهم بأحد أدواره التلفزيوينة! الأمر يشعره خلافاً لغالبية زملائه بشيء من الارتباك. ربما يتمنى لو واكبه بعض من هذا الإعجاب الشعبي بمنجزه المسرحي. هذا الشغف والانتماء المطلق للمسرح يخصّه دون كثير من رفاق مهنته! تجده يحتفي حتى اليوم بما حققه مثلاً عرضه «ريتشارد الثالث» لوليم شكسبير وقد أخرجه الكويتي سليمان البسّام، وكان من بطولته. قدّمه على أهم المسارح الأوربية والعالمية الكبرى، واحتفت فيه صحافة العالم. كما يمكن أن يستعيد معك ذكريات «تقاسيم على العنبر» و «حمّام بغداي» لجواد الأسدي. يقول في دردشة خاطفة معنا في أحد مواقع التصوير: « ربما م المنافذ القليلة التي يتاح لنا فيها إمكانية خلق تميّزاً هي المسائل الإبداعية، طالما أنه على مستوى الصناعات والتكنولوجيا والحالة التقنية صار يصعب ذلك» على هذه الهيئة وجد فسحة لتشكيل اختلافه، كصانع للمسرح كما يحب أن يسمي نفسه. حتى اليوم تجدّه غارقاً في كواليس «المعهد العالي للفنون المسرحية» عندما اندلعت موجة الدراما التلفزيونية هجر بلاده ليدرّس في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت. هكذا، وبعد عشرات السنين ستجده قد عمّر أرشيفاً مترف الغنى، ومحصّناً بوجهات نظر عميقة، لكّنها لم تكن يوماً بعيدة عن المرونة والنقاش حتى مع طالب مستجد! في هذا الأرشيف عشرات العروض المسرحية ممثلاً ومخرجاً، وعشرات المشاريع الطلابية مشرفاً على تخرّجهم ومن بينهم كبار النجوم السوريين اليوم، كذلك عشرات المسلسلات منها دور حسن الصبّاح في «عرم الخيّام» وعبد الملك بن مروان في «الحجّاج» وسلسلة «أمل ما في» رفقة النجم بسام كوسا. بينما صنع جماهيريته بسينما عبد اللطيف عبد الحميد «رسائل شفهية»، و «ما يطلبه المستمعون»، و«خارج التغطية» إذاً القاعدة بالنسبة لقزق واضحة: الانصراف نحو المعهد العالي للفنون المسرحية، وتبديد كل الوقت والجهد في مختبراته وبين طلابه هي وصفة فايز قزق السحرية، لاجتراح الشغف والتفوٌق على نفسه كأنه يولد من جديد! بعدما لمع الموسم الرمضاني الماضي في الدراما التلفزيونية وبطريقة استثنائية عالية الخصوصية في أدائه شخصية الرجل المتنفّذ الحكم في مسلسل «كسر عضم» (كتابة علي صالح وإخراج رشا شربتجي) عاد هذا العام لينفرد مجدداً بمطرح متقدّم يليق فيه، إذ يصنع الأستاذ الذي يعمل جنباً إلى جنب مع طلّابه مزاج متابعيه ويحقق ميدانياً صحٌة نظرياته الأكاديمية، في مسلسل «الزند ذئب العاصي» (عمر أبو سعدة وسامر البرقاوي) يقدم شخصية «الشيخ إدريس»: باقتراح تجسيدي عالي الدهشة، وصيغة مدروسة بحرفة، لدرجة تجعلك معجب بأداء صاحب الشخصية وقوة حضوره، وليس بالشرٌ الطافح من سلوكياتها.