30 أغسطس 2023
*عبداللطيف الوراري يكتب :
سرديّات نجيب محفوظ هي الأقوى في الأدب العربي الحديث، فقد قُرئت على نطاق واسع وأثّرت في أجيال بأسرها؛ من هنا ديمومتها وفاعليّة خطابها عبر ما كانت تنتصر له وتُقيمه من عوالم ممكنة تترجّح بين نقد الواقع وشسوع الرؤية للعالم، وهذا كافٍ ليجعلها على الدوام في ميزان النقد وسلطة التأويل.
في المغرب، قبل أن تهجم التكنولوجيا بقضّها وقضيضها، كانت رواياته بطبعاتها التجارية في كلّ مكان يمكن أن تتصوّره، بل وجدتها في غير سوق أسبوعي تأخذ مكانها جنبًا إلى جنب الصابون البلدي، وورقة سيدنا موسى، ومبيد الحشرات وقراطيس الشمع. قد تكون كتب مصطفى محمود زاحمتها في الانتشار، إلا أن وميض عينيه الغائمتين لا يصمد أمام الرسمات الزاهية والمريبة التي وضعها جمال قطب على أغلفة الروايات، ولطالما استوقفتْ فضولَ القرويّين وأسالتْ لُعابهم.
كانت أوّل رواية قرأت له في أيّام مراهقتي؛ هي “زقاق المدق”. قرأتها بتقسيط شديد كأنّي أتناول دواءً غريب المذاق لا أريد أن ينفد بسرعة. إلى اليوم، وفي أحيان كثيرة، يتهيّأ لي أن حميدة ستأتي يومًا ما لتؤنّث العالم بعد تخليصه من “زيطة” صانع العاهات.
* شاعر وأكاديمي مغربي