1 ديسمبر 2023
ليندا ابراهيم – شاعرة وكاتبة سورية
– عندما يطبق عليك ألم الروح، ولا تملك منه فكاكاً، ولا تستطيعُ صراخاً ولا عويلاً، ولا تجد في قبة روحك، فسحةً سماويةً لتفرج عن هذا الألم، فترتاحَ، ولو إلى حين… حينئذٍ، هدهد ألمك، هدهد روحك حتى يستكين وتستكين هذه الروح وتهدأ وتطمئن، عندها فقط، ابتسم باطمئنان لاطمئنانها، وامضِ..
– وحينما يَخِزُكَ الضَّميرُ، من أنك هجرته، أو خذلته، ولم تنصره حق نصرته، حينما يخزك وبؤلمك من أنك لم توضح لغيرك فينظر لضميرك بكامل النقاء والنصاعة حيث هو وحيث تصل، عندئذ، ابكِ بين جلدك ومساماته في أقاصي خلايا هذا الضمير كي لا يسمعك أحدٌ غيرُ هذا الضمير، الذي أوجعْتَهُ، انشجْ بصمتٍ، وترفق بروحك، حتى ترضى روحك ويرضى ضميرك ويهدآااا ويستكينااااا… عندها فقط امضِ.
– وحينما تؤلمك هذه المضغة التي من حجرات أربع، ويفيض الألم عنها، حتى يملأ الشغاف، بل حتى تضيق الشغاف عنه، عندها اسمح لهذا الألم، بأن يتحول هو نفسه إلى ترياق لنفسه فيهدهد هذه المضغة الفانية، بحجراتها الأربعة، لتتحد في حجرة خامسة كلية، هي دائرة الكون، كونك الضيق والوسيع، لتسع ألمك بنفسك، حينها فقط امضِ…
– وحينما تشعرُ بحَرَجٍ مع من أحببتَ، وتشعُرُ بحرَجِهِ معك أيضاً، كائناً من كان الذي تحبُّ، فقد يكون مولاكَ الذي بروحك، فلا بأسَ تصالحْ معه، وصالِحْهُ، في جوهر ضميرك، وجوهر الجوهر، حينها سيشعر بك وبألمك، وبرغبتك في جوهر وقرارة ضميره وجوهره، لأنك إنما انطلقت من هذا الجوهر النقي ولهذا سيشعر بك، عندما تصل إلى هذه الدرجة، أسدِلْ أهدابك باطمئنان، وأطلق جوانحك للنقاء وللضوء وامض..
– حينما تشعر بالظلم، لأي سبب كان، وبأية طريقة، وبأي حجم، ولو كان مثقال ذرة من خردل من ظلم، فاستقبله رحيبَ القلب والرُّوح، واجعلْ كلَّ ذرة ظلم، تقابلها ذرة قبول، حينها ستتعادل ذرات الظلم مع ذرات النقاء، وحين التعادل هذا سيهزمُ نقاؤُكَ ظلمَهُم، عندها فقط، ستكون أنت الفائزُ النَّاجحُ، ستتخفَّفُ من كل ما هو آدمي وتنبت لك أجنحة من نور وضياء، حينها فقط انطلق وامضِ..
– وإذا حدث، ولا بدَّ سيحدُثُ، أن راودتكَ عيناه أو طيفُهُ أو مذاقُ ريحِه في روحكِ، فتألمت للفراق، فحُجَّ إلى كعبة ذكراه حيث خلَّفها في روحك، حُجَّ إليها، سبعاً وسبعاً وسبعاً حتى ترضى روحك، حينها فقط سيشعر بك وسيأوي إليك بكامل عطره هو ذاته مولاك الذي بروحك
– وإما آنست ضوءاً شحيحاً من بعيد، في مشكاة الذكرى، فتخفَّفْ من وحشتك، تخفَّفْ من وحشتك، وآنِسْ هذه الروح، بذاك الضياء، حتى آخر ذبالة القنديل، تخفَّفْ من كل ما يرهق هذا الجسدَ، وانطلق إلى النور وامضِ…هناك حيث تتحد بفراشتك فراشة نورك الآتية من عينيه التي تعشق: مولاك الذي بروحك
– وإذا حدث ولا تزال ذرة من بكاء أو نشيج أو عويل أو نحيب في نفسك فأعِدِ الكرَّة حتى تطَّهَّر روحك مرة إثر مرة وستجد نفسك تمضي وتنطلق هناك حيث المسافة المنعقدة بلواء عينيه هناك حيث ينتظرك هناك حيث الحب… الحب الأبدي… فاتحد بمن تحب حينذاك يضيءُ الكون تضيء المجرات يسجد كل ما في البرية لمولاك الذي بروحك
– هذه صلاتي… وذا نسكي… وتلك عقيدتي… وهذه عبادتي… وتلك طقوسي… أرفعها إليك كلما حَزَّني ألمٌ أو وخط نقائي شيبُ شكٍّ، فأعنِّي على أدائها والمواظبة عليها والركون إليها حتى أفنى فيك..
يا مولاي الذي بروحي