27 أغسطس 2023
لما قنطار – كاتبة سورية
في أغلب الأوقات أكتب بحالة انفعالية، وقد أعتبر نفسي كاتبة انفعالية لأنني حين أكتب لا أرى أمامي إلا الحروف فتصدر كتاباتي بلهفةِ قلبٍ دقاتِه متسارعة جداً.
ولا يمكنني أن أتجاوز فضل أستاذي في محاولاته لتشذيب كتاباتي فهو المعلم الحقيقي الذي يرفض أن أذكر اسمه على العلن. أمّا في هذه اللحظات سأحاول أن أحكّم عقلي الصغير أحيانا والكبير أحياناً أقل .
دائما مايوجد في داخلنا صدى أصوات أغلبها يحثّنا على أمر ما، بينما نسمع أصواتاً ثانيةً تبث فينا رغبات مختلفة. المهم أعرف جماعة عددهم كبير، قرروا أن يخرجوا أصواتهم الداخلية دفعةً واحدة فاجتمعوا واتحدوا وقالوا :هيا لتصدح حناجرنا صراخاً، بما يجول في قلوبنا وصدورنا وعقولنا .
حيث اجتاحوا حاراتهم الضيقة صارخين بملء الصوت ،مصممين على مطلبٍ واحدٍ حيث وصلت أصواتهم إلى الحارات الأخرى فعجّل أناسها للتساؤل عمّا يفعل هؤلاء القوم فقالوا لهم :إننا نقوم بعملية مخاض لأرواحنا علّنا نسترجعها حرة حقيقية بدون كذب أو كبت فهل ترددون صدى صوتنا؟
في بادئ الأمر ترددون وقالوا لهم نريد وقتاً كافياً للتفكير . اجتمعوا، وبدأت الأصوات تعلو هذا من يؤيدهم، وذاك من يقول أنا أنأى بنفسي، وتلك التي تقول كفانا فساداً دعوهم وشأنهم إلى أن اتفقوا أن يذهبوا إلى شخص حكيم معروف بحكمته وعقلانيته وقصّوا عليه الرواية فقال لهم فليذهب كل شخص منكم إلى داره وليسمع مايجول في داخله بهدوء وارجعوا إلي غداً فرادى. وبالفعل ذهبوا.
ومضى اليوم وهم يفكرون بهدوء وطمأنينة وسلام داخلي منهم من قام بتبييت استخارة ،ومنهم من أضاء شمعة ومنهم من جلس يحاكي القمر عمّا يشعر ،وفي اليوم التالي ذهبوا إلى حكيمهم وقالوا له قررنا أن نرد صدى صوتهم علّنا وإياهم نريح أرواحنا وأنفسنا مما نحن فيه وذهبوا ورائهم وبدؤوا يرددون الصدى وإلى الآن وهم في حاراتهم ولم يرتاحوا بعد ولم ينجل ما بداخلهم وهم بانتظار المعجزة التي تريحهم.
ثم نكمل..