خالد الحسن: الحالة الثقافية مزدهرة على مستوى الأفراد

28 أغسطس 2023

حاوره: هاني نديم

في الوسط الثقافي اليوم، نشهد نوعين من المثقفين، الأول هو المبدع الذي يكتفي بنصه، والثاني المشتبك الفاعل في تنشيط الثقافة بكل ما أوتي من قوة، ولا شك أن الشاعر خالد الحسن من هذا النوع، إنه يكتب نصاً شعرياً متجاوزاً ولا يكتفي به، بل يقاتل لأجل حالة ثقافية تعمّ المجتمع. وهذا من وجهة نظري هو الحل لإعادة الأدب والفنون إلى ما كانت عليه في سابق عهدها. 

دردشت مع الشاعر العراقي خالد الحسن حول الفعل الثقافي وما حوله، سألته:

  • تنشط في المشهد الثقافي وتقاتل من أجل تطويره وتحسينه، برأيكم ما الذي ينقص المشهد العراقي اليوم والعربي عموماً؟

– مبدئياً، أعتقد أن المشهد الثقافي العراقي خاصة والعربي عامة، يعيشُ حالةَ ازدهار على مستوى الأفراد، تجد كتلةً بشرية كبيرة يجمعها الهم الثقافي بصورة عامة، سواء كان كتابة فنون ابداعية، أم كتابة أفكار يمكن لمجتمعاتنا البناء عليها، خاصة وأنها مكتوبة بما يحتاجه العصر اليوم عوامل تساعد في ديمومة الحياة، نعم أنشط في الوسط الثقافي الأدبي في العراق، وشخصياً اشغل منصبَ رئيس نادي الشعر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، وأعمل مع الهيئة الإدارية على إعادة الهيبة للمنصة، وتنشيط جلسات شعرية نوعية، تحتفي بشعراء الوطن ممن يمتلكون تجاربَ تستحق الإشارة وتسليط الضوء، وأكاد اقول إن جلسة من جلسات نادي الشعر تغني المتلقي عن مطالعة ديوان شعر، وتفتح لدى الشعراء الشبان أبواباً جديدةً في أزقة الشعر.

وأعتقد من خلال عملي أني اشاهد الكثير من مظاهر الجمال التي تحتاج إلى تنظيم من أجل تحويلها الى ظاهرة. لقد ذهب الزمن الذي يكون فيه الشاعر او الأديب منظماً لأحداث ثقافية كبرى، نحن في غالبية دول الوطن العربي نحتاجُ بصراحة إلى العمل على الجانب التنظيمي للفعاليات، وهذا فن آخر ليس له علاقة بالكتابة، بل يتعلق بالميديا والتسويق وأجهزة الصوت والتصوير مروراً بطباعة “اللوغوات” والإعلانات ونشرها وصولا الى وسائل النقل والفنادق، وهذا كله يحتاج رصد مبالغ كافية من أجل شركات الإنتاج والتنظيم التي تأخذ على عاتقها خروج الحدث الثقافي بأبهى صورة للمتلقي، وهذا ما نفتقر اليه، إضافة إلى أن ما ينقصنا أيضاً هو أن يتنحى الأديب عن كرسيه المحجوز دائما ضمن اللجان التنظيمية ويأخذ المبادرة مختصون يستطيعون إظهار الصورة الأجمل. ويبقى دور الاديب محصوراً في الجانب الفني من اختيار عدد المشاركين وشكل ما يكتبون..

حلمي ما يدفعني إلى الأمام

  • من البدايات، أحب أن أطلع على نصوصك ومحاولاتك الأولى وأحلامك وخيباتك ومسيرتك التي حفرتها وأوصلتك إلى هنا. حدثني عن البدايات.

– أية بدايات تقصد؟، أنا دائما في البدايات، وما زلت الى الآن ولا أريد لهذا الشعور أن يفارقني، لكنك لو كنت تقصد البداياتِ زمنياً، فقد بدأت قبل ما يقرب من العقدين، محاولاً كتابةَ شيءٍ ما، أتضح أنه قصيدة نثر، وقد بدأت مما انتهى به الشعراء، لكنني وبمرور الزمن اكتشفت جماليات الايقاع ورنةِ القافيةِ، وقد رأيتهما إضافتين جماليتين لقصيدة النثر التي كنت أكتبها، ما دفعني للدخولِ الى عالمِ الشعر الموزون بتفعيلتهِ وشطريه.

منذ البداية كنت أحلمُ أن أكتب نصاً كما أحب اقرأ، واستمر هذا الحلم يدفع بي الى الأمام، نجحت مرات وفشلت مرات أخرى، لكن الأهم في كل هذه المتاهة، هو أني لا ازال أحلم وأحاول. مسيرةُ السنوات الطوال تطرزتْ بعشرات الجوائز المعتبرة، وديوانين من الشعر والكثير من القصائد التي اهملها تارةً واعتمدها تارةً أخرى، أنا شاعرٌ متمردٌ على نصه وإمتلك شجاعة أن أحذف نصوصاً من تجربتي وقد فعلتها مرات، كما أعتقد اني شاعر صبور، ويمكنني الاعتكاف على نص لكاتبته وتعديله طوال سنة أو أكثر، هكذا أحاول أن أكتب شيئاً لا يخدش مزاج القارئ ويمنحه فرصة لفهم موازٍ يضيف جمالاً على النص.

نفتقد إلى المهرجانات النوعية

  • السفر والمهرجانات وعلاقتها بالنص علاقة مربكة أحياناً، قد تفقد طزاجة وفطرة التكوين الأول وقد تثريه، كيف ترى ذلك؟

– أعتقد أن علاقة السفر تحديداً بالنص علاقة تتناسب طردياً كما يقول أهل الرياضيات، كوني أرى السفر زاداً للنص، فكلما سافر الشاعر الى بلاد جديدة تعرف على ثقافات جديدة، وهذا ما يثري النص ويجعلُهُ أكثر حياةً، السفرُ جزء مهم من تجربة الحياة وهذه الاخيرة تصنع نصاً مكتوباً برؤية أعمق. أما المهرجانات فهي فرصة جميلة للقاء بالأصدقاء ومعرفة ما كتبوا من شعر جديد، من خلال ما يقرؤه الشعراء على المنصة او خلال الجلسات الهامشية، المهرجانات فرصة ممتازة للاطلاع، بشرط أن تكون مهرجانات نوعية يصاحبها تنظيم ممتاز وتهتم بالنص الجيد لتكون إضافة حقيقة للشاعر، وبصراحة هذا ما نفتقد له في الغالب.

قد يعجبك ايضا