وسام كنعان- دمشق
15 أغسطس 2023
البلاد التي يحاصرها الجوع ويتفنّن في إذلالها العوز والفقر ويزيد من عذابها مسلسل الخدمات المتردية وشحّ الأساسيات وغياب البديهيات، صارت تحتاج إلى دفقات مبالغ فيها من الطاقة الإيجابية، ومحاولة عدل المزاج، وضخّ الحماس في عروقها المهترئة! لا شيء ينفع أكثر من الرياضة!
كرة القدم تقريباً غسل الجمهور السوري يده منها. بقيت مساحة ضوء يسيرة في كرة السلة، لإمكانية تأهيل الصالات وقدرة منتخب سوريا على المنافسة في كأس آسيا والبطولات العربية، عدا عن تقوية الـ «فاينال فور» في الدوري السوري من خلال السماح للأندية بالتعاقد مع لاعبين محترفين بمعدل لاعبَيْن لكلّ نادٍ. وبالفعل، تعاقدت الأندية مع لاعبين أجانب بعضهم من الولايات المتحدة التي تُعتبر قبلة هذه اللعبة، وقد مثلّ حضورهم حالة رمزية مهمة تتحدى الحصار الأمريكي الجائر وتكسر قانون “قيصر” المفروض على الشعب السوري. أما واقعياً فقد ساهموا مع بقية المحترفين في رفع سوية الأداء، إضافة إلى أنّ الحالة صنعت من الدوري حالة جماهيرية وفرجة شعبية ساحرة .
وإلى جانب الحضور الأجنبي شكل الدوري السوري حالة تواجد مهمة للخبرات اللبنانية على مستوى المدربين أمثال: مروان خليل الذي يدرّب «الوحدة» وقد تعاقد معهم بعد حصد الدوري لثلاثة مواسم، وغسان سركيس الذي درّب «أهلي حلب» كما كان «البرنس» أمير سعود حاضراً مع فريق العاصمة وكان له دور كبير في التتويج بعد حسم سلسلة النهائي ضد «أهلي حلب» بواقع 3 صفر في ثلاث مواجهات متتالية. أيضاً لعب من لبنان علي حيدر وجوي زلعوم.
وفي ظل هذا كله، كانت الجماهير تزحف من كلّ حدب وصوب، لتحتفي بالصيغة الوحيدة المتبقية للفرح في البلاد
وفي ظل هذا كله، كانت الجماهير تزحف من كلّ حدب وصوب، لتحتفي بالصيغة الوحيدة المتبقية للفرح في البلاد. طبعاً كل ذلك حصل بعد أن تسلّم الكابتن طريف قوطرش رئاسة اتحاد كرة السلة في الانتخابات الأخيرة، وفهم الوضع سريعاً كونه أحد أهم لاعبي السلّة في سوريا تاريخياً. أكمل قوطرش إجراءات رفع الحظر عن الصالات السورية واستضاف العام الماضي «نوافذ» التصفيات المؤهلة لكأس العالم، فيما تستضيف صالة الفيحاء حالياً التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024. وعلى الرغم من اعتذار فريقين عن الحضور لتخوفات أمنية هما تايوان (الصين تايبيه) وكوريا الجنوبية. إلا أن بقية الفرق حضرت وهي: السعودية، الهند، أندونيسيا، البحرين، كازخستان، إضافة للمنتخب السوري. ومن أجل هذه الاستضافة تم تطوير صالة الفيحاء، مع حرص «الفيبا» على تنفيذ تعليمات صارمة بما يخص النقل التلفزيوني والحضور الجماهيري والإعلامي وبقية الأمور التنظيمية. وفاز المنتخب السوري على السعودية (73 ـ 71) بعد خسارته من الهند (90 ـ 74) ومن ثم خسر بنتيجة قاسية أمام البحرين بواقع (60-91) خاصة أن الفريق البحريني أظهر تقدّماً ملحوظاً وتطوراً كبيراً وسوية ادائية ملفتة جداً، ويعتبر الفريق الاكثر حظوظاً بالتأهل إلى الأولمبياد.
بكل الأحوال تبقى الحالة الشعبية وجرعة الأوكسجين التي تنفّسها الناس بمثابة فسحة خضراء يتيمة في ظلّ السواد القاتم الذي تعيشه البلاد!