مسلسل “الثمن” بعد عودته.. لا شيء يستحق الانتظار

السبت 6 مايو 2023
“نص خبر”- بيروت

عندما صوّر مسلسل “الثمن” (بطولة باسل خياط، رزان جمال، نيكولا معوض، سارة أبي كنعان) لم تكن النيّة عرضه على موسمين، إلا أنّ حلول شهر رمضان، ودخول مسلسلات معدّة خصيصاً للماراثون الدرامي الرمضاني، أدّى إلى إيقاف عرضه المسلسل عند حلقته الـ51 شهراً كاملاً، ليستأنف عرضه يوم الأحد الماضي.
هذا التوقّف أصاب المسلسل بما يشبه المقتل، إذ عاد بعد أن كان الجمهور قد أغرق بأعمال درامية لا حصر لها طوال شهر كامل، أصبحت بعده مشاهدة التلفزيون مضنية، فكيف إذا كان إيقاع المسلسل بطيئاً جداً، وأحداثه تدور في حلقة مفرغة وشخصياته باردة وحواراته مكرّرة، وحلقات كثيرة منه تمرّ من دون أي أحداث؟
“الثمن” المعرّب من المسلسل التركي “ويبقى الحب” انطلق انطلاقة قويّة، ليخفت إيقاعه ويصبح بارداً، يخلو نص الكاتبة يم مشهدي من أي لمعة، حوارات مطوّلة، شخصيات تبدأ بمكان وتنتهي بمكان بدون أي مبرر درامي، مع تفكك في الأحداث، إذ تطغى قصّة جانبية على مجريات الأحداث طوال حلقات كاملة، وتبرز خطوط درامية جديدة على حساب القصة الأصلية.
عاد المسلسل عند الحلقة 52، طوال أسبوع كامل كانت الأحداث تراوح مكانها، قصة الحب بين سارة (رزان جمال) وزين (باسل خياط) انتهت، قصّة أمدت المسلسل ببعض الديناميكية رغم برودة أداء الممثلة، وانتهت ليصبح المسلسل دون عقدة، لا ينتظر مشاهدوه منه شيئاً، حتى عودة الحبيبين. لم يكن ثمّة محطات في قصة الحب هذه تدغدغ مشاعر المشاهدين، ولا مشاهد رومانسية تلطّف جو العمل الكئيب، يصبح بعدها سيان إن عادا أم لم يعودا.
زين لا يزال يدور في حلقة مفرغة، صراعات مع منافسيه، تلفيق تهم بطريقة صبيانية، لم تشغل الكاتبة نفسها كثيراً بابتكار خطط تليق أكثر برجال مافيا محترفين، كل محاولات الإيقاع بزين كانت ساذجة، حتى مشهد القبض عليه وهو في حفلة خاصة بدا كوميدياً.
سارة أصبحت أكثر برودة، تلام رزان جمال على أدائها ويلام النص أكثر، فعند كل موقف تتوقع فيه منها أن تثور وتنفعل، تلوذ بالصمت، لا حوارات ترفع من أدائها، لا شيء سوى الصمت والبرود.
كرم (نيكولا معوض) مشغول بمرضه، لم يسطّر قصّة بطولة يحتذى بها، هرب من مواجهة الألم وانزوى في مكانٍ بعيد، تبدّلت شخصيته، بات عدائياً، حاقداً، بدأ مرضه بالمكابرة وإخفاء ألمه عن الجميع، ثمّ وفجأة وكما تحصل الأمور في المسلسل دون أي توطئة، تحوّل إلى شاب حاقد على الجميع، يلملم خيبة حب صعب المنال ومرض ينهك جسده، يتخلّى عن شركته وأحلامه وطموحاته هو الذي كان حتى في بداية مرضه وهو تحت تأثير الصدمة يكابر.
تيما (سارة أي كنعان) التي كانت بطلة الحلقات الأولى، أقصيت عن دور البطولة وباتت شخصية هامشية، رغم أنّها أكثر من كان يبنى عليها في المسلسل، هي الشخصية الوحيدة التي حافظت على إيقاع متوازن.
بطريقة غير مفهومة، انتقلت كل الأحداث من شركة الهندسة إلى منزل ابراهيم مطر (رفيق علي أحمد)، وانتقل المسلسل من تسليط الضوء على اكتئاب الحمل الذي عانت منه كنته نور (ريم كفارنة) بعد خيانة زوجها (وسام فارس)، إلى اكتئاب ما بعد االولادة.
تحوّلت إلى شخصية عدائية ثرثارة، لم يعالج اكتئاب الولادة كقضية يضاء عليها لجذب الاهتمام إلى معاناة صامتة لأمهات يغرقن في اكتئاب ما بعد الإنجاب ولا يجدن من ينصت إليهن، بدت نور عدائية منفرة، قضت حلقات المسلسل وهي تنتحب، باتت تقريباً بطلة المسلسل، كل الأحداث تدور حولها، هي التي أنجبت توأمين يضفيان على العمل الغارق في كآبته ورتابته لوناً وروحاً، إلا أنّ صنّاع العمل ولسبب غير مفهوم حوّلا التوأمين إلى نقمة على والدتهما والمشاهدين معاً.
يستمر معظم مشاهدي “الثمن” بمتابعته بعد أن تورطوا بما يقارب الستين حلقة، يصبح بعدها السؤال المطروح “إلى أين سيصل كل هذا الخواء؟”.
حاولت الكاتبة التقاط خطوط درامية عريضة من النسخة التركية، وعلى سبيل الاجتهاد قامت بخلق خطوط جديدة، بدا المسلسل هجيناً، القصص الجانبية لم تغنه بل زادته تفككاً، تركيبة الشخصيات بدت مضعضعة، صورة عن عمل مقتبس حاول صناعه الخروج من العباءة التركية فخرجوا بنسخة هجينة عنوانها العريض “الملل”.

قد يعجبك ايضا