السبت 22 أبريل 2022
“نص خبر”- بيروت
مخيبة للأمال كانت الحلقة الأخيرة من مسلسل “النار بالنار”، ترك قصصاً معلّقة، نهايات مبتورة، أسئلة بدون إجابات، شخصيات تائهة بدأت بمكان وانتهت بمكان آخر دون مبررات درامية، انتظرنا النهاية لتجيب على الكثير من التساؤلات لكنّها لم تفعل.
لا يخفى حتى على المشاهد العادي أنّ المسلسل شهد انعطافة غير منطقية في ثلثه الأخير، بعد انسحاب كاتبه رامي كوسا، وإكمال المخرج محمد العزيز كتابة ما تبقى من حلقات.
بقيت الكثير من العقد دون حلّ، كنّا ننتظر مع تقدّم الحلقات أن نعرف ماذا همس الرجل في بيت الدكتورة تفيدة (عمر ميقاتي) في أذن مريم (كاريس بشار) حتى انهارت وهربت إلى منزلها؟ ماذا يحوي الصندوق الذي عثر عليه بارود (تيم عبد العزيز) في بيانو عزيز (جورج خباز) المحترق؟ لماذا استمع إلى الكاسيت وقرأ الرسالة وشعر بالصدمة ولم يسلمهما لعزيز؟ ماذا عن الرجل الذي التقى به عزيز في السيارة وأخبره أن والده قد يكون على قيد الحياة وأنّه سيعطيه معلومات قد تفيد بمصيره؟ ماذا حصل مع سارة (زينة مكي) التي اقتيدت إلى السجن بعد سطوها على البنك؟
والأهم من كل هذه التفاصيل، لماذا ادعى مسلسل أنّه سيتطرق إلى مسألة النازحين السوريين في لبنان، ليتحوّل في نهايته إلى تصفية حسابات شخصية؟ كيف طرح المسلسل مسألة المفقودين اللبنانيين ليغرق بعدها في تفاصيل مشاكل أهل الحي وينسى المسألة الأهم؟ أم أن المخرج تورّط ولم يجد مخرجاً للقضية فتركها معلقة على أمل أن يكون ثمة جزءاً جديداً يجيب على كل الأسئلة؟
المسلسل كان منافسة في الأداء بين نجومه، أبدع كل في مكانه، كان منافسة بين الكاتب والمخرج، أخرج الكاتب كل التفاصيل إلى العلن، بعدها بات المشاهد أشبه بمتربّص يبحث عن الأخطاء ويقارن الحلقات ويتتبّع الزلات، لم ينجح المخرج في إكمال المهمة وحده، فخرجت النهايات المبتورة، والشخصيات مضعضعة، تحوّلت مريم من امرأة محجبة ملتزمة إلى امرأة تشارك رجلاً غريباً سريرها، وتحوّل بارود من شاب يدور في الحي ليبيع أوراق اللوتو إلى عاشق يكرّس كل وقته للاهتمام بحبيبته الحامل، أخبرها أنّ لوالده حقاً مع عمران، انتهى المسلسل ولم نعرف ما هو هذا الحق. عزيز تحوّل من رجل حاقد على السوريين يحمّلهم مسؤولية اختفاء والده، يتعامل معهم بفوقية، إلى عاشق لمريم دون أي مقدمات. أما سكّان الحي، فكانوا يسيرون صاغرين نحو المصير الأسود الذي اختاره لهم عمران، لم يحركوا ساكناً عندما ذبح زوج مريم زوجته على مرأى من الجميع، لم يتفاعلوا مع حرق عمران بيانو عزيز في الحي، بدوا أشبه بجثث تمشي على الأرض.
لكن رغم كل عثراته، يبقى أن المسلسل حرّك النار الراكدة تحت الرماد، بانتظار أعمال أكثر جدية، تعالج مسألة النزوح السوري إلى لبنان، وتداعياتها على الضيوف والمضيفين، بأسلوب أكثر عمقا، بعيداً عن تدوير الزوايا وقول نصف الحقيقة فقط.