12 إبريل 2023
وسام كنعان- دمشق
محمد قنوع ليس مجرّد ممثل يعمل في الدراما منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بل هو ابن عائلة فنية، اشتغلت لسنوات على المسرح الكوميدي «دبابيس» تحت اسم «الأخوين قنوع» قوامها أحمد وعدنان وهاشم ومروان. الأخير ممثل ومخرج البث المباشر في إذاعة دمشق، وعرّاب محمد، وربما ملهمه وصاحب الفضل بأن يشعل في روح ابنه هوس الفن المتقّد إلى الأبد، لا يمكن لشيء دنيوي أن يخمد لهيبه. لكن رغم ذلك، سيمنع الأب ابنه من الدخول إلى «المعهد العالي للفنون المسرحية» وسيجرّب إقصاءه عن العمل في الفن، ويغلق باب فرقته في وجهه لسنوات عدة، لرغبته العارمة بأن يختار درباً أقل وعورة وخيبات أمل. لكن شغف الابن كان أقوى. ورغم دراسته السياحة، توجّه الشاب اليافع نحو «المسرح الشبيبي» وحصد جوائز في «مهرجانات دمشق». لاحقاً، انحرف بمسيرته نحو بداية تلفزيونية خاطئة استهلّها في الإعلانات التجارية. لكنه ترك حالة إيجابية في حضوره البدائي هناك، وتعلّم كيف يقف أمام كاميرا. لاحقاً سيتمكّن وريث «فرقة دبابيس» من الوصول إلى منصّة «مرايا» ويبدأ في اللعب في السلسلة الكوميدية الأكثر شهرة في تاريخ التلفزيون السوري، وأمام كوميديان بحجم ياسر العظمة. منذ عام 1995، صار محمد قنّوع ممثلاً أساسياً لا يمكن استبداله في سلسلة «مرايا». التجربة فتحت ذراعي الكوميديا أمامه، وصار يحسب حسابه في غالبية الأعمال الكوميدية السورية، فيما ساهمت صراحته المطلقة وقوله الأشياء كما هي في وجوه زملائه في تداول معلومات غير دقيقة عن كونه «اللئيم». الصفة لازمته في أدوار الشر التي لعبها ببراعة. أينما يكون، هناك دور لشخصية تجسد النذالة والوصولية والانتهازية، يمكن أن يكون قنوع مرشحاً لتجسيدها، والنجاح بها بعدما تمرّس على هذه الأدوار التي يعرف جيداً كل قريب من صاحبها كم هي بعيدة كلياً عن شخصيته الوديعة في الحياة. المسيرة الطويلة جعلت صاحب الشخصيات البارزة في مسلسلات مهمة مثل «غزلان في غابة الذئاب» (فؤاد حميرة رشا شربتجي) و «الولادة من الخاصرة» (سامر رضوان ورشا شربتجي وسيف الدين السبيعي) يتسلّم إدارة شركة إنتاج سورية هامة هي abc )صاحبها عدنان حمزة) ويبدأ تجيير علاقاته الطيبة وفهمه القديم للدراما لصالح ما يمكن أن تنجزه هذه الشركة. هذا العام يطلّ قنوع في دورين متباينين للحد الأقصى، وإن كانا ينتميان لنفس النوع أي البيئة الشامية. إذ يؤدي دور شخص خيّر كلّ ما يبتغيه هو وقوفه مع العدل ومساندة أهل حيّه في مسلسل «زقاق الجن» (كتابة محمد العاص وإخراج تامر اسحق) فيما يكشف عن مقدرات تمثيلية جديدة في مسلسل «العربجي» (كتابة عثمان جحى ومؤيد النابلسي وإخراج سيف السبيعي) من خلال شخصية «شومان» وهي كركتر اعتمد فيه قنوع بشكل لافت على صيغة ثابتة من الأداء تعتمد على التحّكم الدقيق بعضلات الوجه، والمبالغة بإظهار ردّات فعله، إلى جانب العناية بالوعي الجسدي، والشكل البرّاني للشخصية، التي تبدو نكهتها كوميدية رغم أنها بعيدة عن ذلك ضمن خطّها السردي وتصاعدها البياني. عن هذه الشخصية يقول في تصريحات صحافية بأن الشخصية: «تطورت من النص المكتوب إلى أدائه على أرض الواقع، نظراً للإضافات التي قدّمها كممثل من خلال لغة حركة الجسد والعناية بالشكل وأسلوب الكلام، علماً بان بروفات عديدة أجريت على الشكل الخارجي بمشورة المخرج حتى تمّ التوصل إلى هذه الصيغة النهائية» في آخر حلقة عرضت من المسلسل يموت شومان، فينشر قنوع صورته على صفحته الشخصية على الفيسبوك ممهورة بشارة الحداد، كتعبير منه على حزنه فراق هذه الشخصية التي صنعت له حظوة صريحة في هذا العام!