“نص خبر”- كمال طنوس
فيلم تار ” tar ” لكيت بلانشيت يعرض على “نتفلكس” عرض لأول مرة في عام 2022, فيلم غير جماهيري، صعب ونخبوي.
تقدم كيت بلانشيت في الفيلم قصة الموسيقية ليديا تار أول امرأة تتولى مهمة الميسترا لأوركسترا ألمانية ضخمة. وتتقن النجمة العالمية تسليط الضوء على نموذج نسائي جديد وناجح، ليزيد أيضًا من نجاحها الشخصي على مستوى المسيرة المهنية. وتحصد العديد من الجوائز عن هذا الدور الصعب والمعقد.
“تار” يبدو أكثر من فيلم أنه توثيق لحالة موسيقية ونمط جديد من الابتكار في الأفلام بحيث يظن المشاهد أن الفيلم سيرة ذاتية في حين لا يمت لذلك بصلة. الكاتب ومخرج العمل تود فيلد الذي حرص أن يقدم فيلماً على أنه تحفة فنية.

بداية غريبة للفيلم، عبارة عن لقاء إعلامي لمدة عشرة دقائق تحكي فيه كيت بلانشيت “ليديا تار” عن الموسيقى الكلاسيكية وأثارها وكيفية التأليف الموسيقي وأثر قائد الأوركسترا في تغيير أجواء القطع الموسيقية وتحويلها من معنى إلى أخر لتصل إلى أعلى مرحلة وهي المشاعر. عشر دقائق تمر في تكثيف معلومات عن الموسيقى قد لا يفهمها إلا أصحاب الاختصاص وذوي الخبرة.
الدور الصعب
تطلب هذا الدور الذي قدمته بلانشيت قوة جسدية وحرفية عالية. فقد حفظت غيباً دور قائدة الأوركسترا وبلعت الشخصية الانانية والمبدعة والمتفردة والقاسية معاً تماماً كما يتطلبه دور “ليديا تار” وهو دور فريد لقائدة أوركسترا وعازفة وقد أجادت بلانشيت دورها لدرجة التماهي.
الفيلم المتعدد الرسائل
أهم عنوان في الفيلم هو حكاية الشخصية ليديا الميسترا الفنية المبدعة وبنفس الوقت الشخصية المتسلطة الجافة القاسية التي لا تعيل أهمية إلا لنفسها ونزواتها وطموحاتها.
فليديا موهبة فذة وقائدة أوركسترا بارعة، لكنها في ذات الوقت نموذج عن شخص يسيء استخدام سلطته لتحقيق غاياته الشخصية؛ إذ تمنح ليديا السولو الوحيد في السيمفونية لعازفة التشيلو المستجدة أولغا ميتكينا (صوفي كاور) لإعجابها بها، وترفض تعيين فرانشيسكا (نويمي ميرلانت) في منصب مساعدة قائدة الفرقة الموسيقية بسبب خلافات شخصية معها.
كل لحظة تمر في الفيلم تصور كخلاصة لا يمكن الشبع منها. بالرغم من الغموض وقساوة الحوارات وعمقها وصعوبتها. لكن محيا وأداء بلانشيت الرائع جعل لها كلمات وحوار أخر. الجسد اتقن لغته بأعلى وتيرة وبلانشيت قدمت هذا الجسد على انه القربان الأول المشتعل في الفيلم وطوعت ممتلكاتها الإبداعية جميعاً صوتاً وحركةً وإتقاناً لحد تظن لا تحتاج بعده أي عمل فهو يصلح أن يكون القطعة الفريدة في حياة أي فنان الذي يقال له انت قدمت هذا الدور ويكفيك.
بلانشيت اختصرت كل الشخصيات
القصة تقدم بصعوبة والحوارات عميقة وأسلوب حياة البطلة يبعث للدهشة. وبلانشيت القديرة أضافت من بريقها على الشخصية لحد اختزلت كل شخصيات الفيلم ووضعتهم بعيداً وباتت هي كل الضوء والقصة.
القطبة المخفية والجلية
يلقي فيلم “تار” إشكالية : كيف يمكن لفنان عظيم ومرهف أن يكون ديكتاتورياً وكيف يمكن للموسيقى ان تكون أداة للأنانية. كيف يختلط الفن باللبيدو. وكيف الموسيقى تحرر والموسيقي يكون ذات صفاقة. كيف عظمة الموسيقى تتداخل مع “الأنا”.
يعالج تار كل هذه المسائل ويترك للبطلة الشيقة أن تعطي الرموز. فأدهشت وصاغت دوراً صعباً وجديداً . استحقت عنه بلانشيت العديد من الجوائز.