ورشة عمل لكتابة القصص “الرديئة”

18 يناير 2024
نادين باخص – كاتبة وصحافية سورية
تدهشني (جرأة) البعض و(الثقة) العمياء بالنفس. فجأة يظهر لي إعلان ممول عن ورشة (تعليم كتابة قصص الأطفال المصورة) من قبل (كاتبة) تسرد في إعلانها هذا (مسيرتها الأدبية).. تقول: “بدأت مسيرتي عام 2019، حيث كتبت أول قصة للأطفال وأرسلتها إلى النشر ولكن نشرها تأخر حتى عام 2021 بسبب ظروف كورونا، وتوقفت عن الكتابة لسنوات ثلاث ثم عدت عام 2022 ونشرت عشر قصص عن دور نشر عربية عريقة”.
المشكلة ليست فقط في كونها بدأت بالكتابة عام 2019 ، وهي في 2024 باتت أستاذة تقيم ورشات، ولا فقط في اعتقادها الغريب أن قصتها استغرقت وقتاً طويلاً حتى طُبعت، ولا في انقطاعها عن الكتابة لمدة ثلاث سنوات بعد قصتها اليتيمة التي كانت قد بدأت بها، ومن ثم في القصص العشرة التي تدفقت بها بعد أن عادت إلى الكتابة.. الكم لم يكن يوماً مقياساً للجودة سواء إن كتبت قصة يتيمة أو مئة.. وقد تكون فعلاً مبدعة وتستحق، ولو أني أضع تحت كلمة مبدعة ألف خط شك هنا، بالرغم من أن قصصها منشورة عن دور نشر مهمة، ولكن المشكلة في هذه الثقة التي تدفع فلاناً من الناس لينصّب نفسه عالماً بالشيء إلى حد إتقانه وإلى الحد الذي يمنحه الجرأة بأن ينصّب نفسه معلّماً ولديه الإمكانية ليمنح هذا العلم المتقن للآخرين.
كيف لكاتب أن ينشر في عام واحد عشر قصص وهو بلسانه يصرح بأنه مبتدئ. يمكن لكاتب ما كتابة عشر قصص في عام ولكن مصيبة حقيقية إن تم نشر هذا الكم في هذه الفترة الزمنية، فليس الموضوع أن نكتب قصة ونرسلها فورا لتنشر فوراً، قصة الأطفال مثلها مثل غيرها من الأجناس الأدبية، تحتاج إلى فترة ترك بعد كتابتها من أجل إعادة تحريرها مرة واثنتين وعشرة من قبل المؤلف أولا ومن ثم بالاشتراك مع الدار إن تطلب الأمر. فكيف لكاتب مبتدئ أن يبدأ في سنة ويكتب هذا الكم وتنشر القصص.
في رأيي أن الكاتبة بهذا الإعلان شوهت سمعة الدور التي أصدرت قصصها، ولكن للأسف معظم دور نشر الأطفال مصابة بلوثة العماء المتقصد، ولا يريدون سوى إفساح الطريق لمثل هذه النماذج السطحية من أشباه الكتّاب.
يا إله الإبداع ارحمنا
قد يعجبك ايضا