توقف بث تلفزيون لبنان الرسمي.. إطفاء ذاكرة وطن

11 أغسطس 2023
“نص خبر”_ بيروت
استيقظ اللبنانيون اليوم على خبر إقفال تلفزيون لبنان الرسمي، بعد كباش دام أشهر بين وزير الإعلام زياد مكاري ونقابة موظفي التلفزيون.
وكانت نقابة موظفي تلفزيون لبنان قد أعلنت يوم 3 أغسطس، بدء الإضراب المفتوح بسبب عدم تقاضي الموظفين رواتبهم واستحقاقاتهم. وأكّدت النقابة أنَّ الموظفين لم يحصلوا على التعويضات التي حصل عليها موظفو القطاع العام، وأنَّ رواتبهم لا تزال تتراوح بين المليون والخمسة ملايين ليرة أي ما يعادل 15 و 50 دولار.
وبعد إعلان الإضراب، والمماطلة بصرف المستحقات بحجّة الأعطال التقنية، وافق ديوان المحاسبة على قيمة المستحقات للموظفين بطلبٍ من وزير الإعلام زياد المكاري الذي تعهّد بتسديد الرواتب بين يومي الجمعة والاثنين المقبل، قبل أن يتخذ القرار بإقفال التلفزيون الذي بات في سنواته الأخير عبئاً على الدولة بعد أن كان واحداً من المعالم الحضارية التي يفخر بها لبنان بصفته أول تلفزيون في الشرق الأوسط.

تاريخ التلفزيون
في تشرين الأول/أكتوبر عام 1954، تقدّم رجلا الأعمال اللبنانيّان وسام عز الدين وألكس مفرّج بطلب لإنشاء شركة بث تلفزيوني. وفي آب/أغسطس عام 1956 تمّ توقيع اتفاق مع الحكومة اللبنانية من 21 مادة، أُعطيَت بموجبه “شركة التلفزيون اللبنانية” ترخيصاً للإرسال التلفزيوني لمدة 15 عاماً.
في ربيع العام 1957 وضَع رئيس الجمهورية كميل شمعون ورئيس الوزراء سامي الصلح، حجر الأساس لمبنى أول تلفزيون في الشرق الأوسط، على تلّة رملية في بيروت تُدعى تلّة الخياط. وفي 28 أيار/مايو 1959 انطلق البث التلفزيوني من لبنان على يد الجنرال سليمان نوفل، وهو أول رئيس مدير عام لتلفزيون لبنان، وذلك عبر محطة “شركة التلفزيون اللبنانية”، التي كانت تبُث بلغتين: اللغة العربية في ما عُرِف بـ”القناة 7″، وباللغة الفرنسية في ما سُمّي بـ”القناة 9” بمشاركة شركة أو.أر.تي.أف (ORTF) الفرنسية.
في تلك الفترة لم تتعدَّ فترة البثّ الست ساعات، من السادسة مساء حتى منتصف الليل. وقد أسهم نجاح هذه المحطة في تشجيع مجموعة من رجال الأعمال اللبنانيين على إنشاء محطة تلفزيونية ثانية، حصلت على ترخيص في تموز/يوليو 1961 باسم “تلفزيون لبنان والمشرق”.

وبدأت الارسال في أيار/مايو 1962 من مقرّها في الحازمية شرق العاصمة وعُرفت باسم “القنالين 5 و11”.
بدأ العمل في “تلفزيون لبنان” على ثلاث مراحل: كانت الاولى في نهاية الخمسينات وبداية الستينات (عبر شركتين خاصتين بالكامل هما “شركة التلفزيون اللبنانية” وشركة “طومسون” الفرنسية المنتجة للتلفزيونات)، والثانية عام 1977 كشركة مختلطة مساهمة، مناصفة بين القطاعين العام والخاص باسم “تلفزيون لبنان” (مرحلة الدمج)، والثالثة عام 1996 حيث استحوذت الدولة على أسهم القطاع الخاص وبات “تلفزيون لبنان” مملوكاً من الدولة اللبنانية بالكامل.
وحصل “تلفزيون لبنان” عام 1977 على ترخيص لمدة 25 عاماً، ومُنح احتكار البث التلفزيوني في لبنان حتى العام 2012، وجرى تداول أسهم القطاع الخاص بين أكثر من مستثمر، كان آخرهم رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري الذي اشترى حصة القطاع الخاص بالكامل. وبعد صدور قانون الإعلام المرئي والمسموع الرقم 382/94، وإثر الترخيص لعدد من المحطات الخاصة، فَقَدَ “تلفزيون لبنان” الحق الحصري الممنوح له بالبث لغاية العام 2012، واشترت الدولة حصة القطاع الخاص وباتت منذ العام 1996 تملك أسهم “تلفزيون لبنان” بالكامل.

منافسة شديدة
بعد أن باتت المنافسة شديدة على “تلفزيون لبنان” من المحطات الأخرى، شحّت مداخيله الإعلانية، إلى أن تمّ إقفاله في آخر فبراير من العام 2001، وصرف جميع مستخدميه الذين فاقوا الخمسمئة والخمسين مستخدماً بقرار من مجلس الوزراء، على أن يُعاد تنظيمه من جديد خلال ثلاثة أشهر.
لكن فترة الثلاثة أشهر لم تكن كافية لإعادة تنظيم “تلفزيون لبنان” كما يجب وكما تقضي أصول المهنة التلفزيونية، فأُعيد فتحه على عجل في 25 أيار/مايو 2001، وصُرفت له موازنة ضئيلة من قبل الدولة لا تتجاوز 120 ألف دولار في الشهر.

حقبة ذهبية
شهد تلفزيون لبنان حقبة ذهبية، أنتج خلال العديد من المسلسلات التي انتقلت إلى الشاشات العربية فهي لا تعد ولا تحصى. منها «المشوار الطويل» و«ألو حياتي» و«النهر» و«عازف الليل» و«10 عبيد صغار». كذلك المسلسلات البدوية مثل «فارس ونجود» و«فارس بني عياد» و«النهر»، و«ديالا». والعديد من البرامج التاريخية مثل «العقد الفريد» و«البخلاء» وبرامج المنوعات مثل «بيروت في الليل».
وصنع تلفزيون لبنان نجوما كبارا أصبحوا رواداً في عالم المرئي مثل «فيروز» و«الأخوين رحباني» و«سميرة توفيق» و«نجيب حنكش» و«منير معاصري» و«نضال الأشقر» و«انطوان كرباج» و«رضا كبريت» و «سمير شمص» و «عبد المجيد مجذوب» وغيرهم.

قد يعجبك ايضا