هند صبري في مفترق طرق.. راضخة مستفزة ولكن..

بيروت- كمال طنوس

تخيط هند صبري دورها في ” مفترق طرق” بإبرة فنانة ترتق بها مكانة المرأة في مجتمعنا. فهي المغبونة في زواجها، والمظلومة في محيطها، والمطالبة من قبل أولادها والمنهكة في عملها.

 

القصة المعربة بما يلائم مجتمعنا 

مسلسل “مفترق طرق”، وهو النسخة العربية من المسلسل الأميركي “الزوجة الجيدة” The Good Wife، من إخراج أحمد خالد موسى، وبطولة إياد نصار، وجومانا مراد، وهدى المفتي، وماجد المصري، وعلي الطيب، بالإضافة إلى مجموعة من ضيوف الشرف الذين يظهرون في بعض حلقات المسلسل.

أخذت هند صبري هذا الدور الأجنبي لامرأة تعيش الخيانة من زوجها صاحب المنصب الرفيع في السياسة والمتهم بالسرقة والفساد والذي زج به في السجن نتيجة أعماله.  وفجأة تجد نفسها بلا معين وبلا أملاك وبلا مال وتفقد كل حياة الرفاهية التي كانت تعيشها بعد أن صُدرت كل أملاك زوجها.

وتجد نفسها مضطرة للعودة إلى العمل في مهنة المحاماة التي كانت قد تركتها منذ 15 سنة لتبدأ من الصفر في كل شيء. ولم تجد أمامها سند ليأخذ بيدها سوى زميل سابق لها في الجامعة “يحيا” التي كانت قد عملت معه لفترة قصيرة قبل الزواج. ويأخذها لتعمل معه في المكتب. ويتبين أنه يحبها منذ 15 سنة ولا يستطيع الزواج بسبب هذا الحب. وفي هذه المحنة يعود حب يحيا “إياد نصار” للظهور في حياة أميرة الألفي “هند صبري”. وتبدأ صراعات الحب والخيانة والمسؤولية. وكلها تتبنيها هند صبري بشخصية أميرة الألفي.

أميرة الألفي قد تبدو شخصية باردة لكنها محمومة من الداخل ومتفجرة 

هند صبري في شخصية أميرة الالفي قد تبدو شخصية باردة ولكنها محمومة من الداخل ومتفجرة. امرأة تعيش كل أنواع الضغط من زوج سيء يلعب عليها بكل ما ملكت يداه من نجاسة وألاعيب حتى يحافظ عليها ويوهمها أنه رجل طيب ومغبون.

وهي عليها مجابهة المجتمع الذي لا يقبل الحب لامرأة متزوجة. وأبناء يتأمرون مع والدهم وجدتهم من أجل الضغط على هذه الأم المجبرة أن تبقى ضمن جدران منزلها وأن تقبل بالأمر الواقع ويمنع عليها أن تعيش حياتها ويكون لها خصوصية ومشاعر وعليها اجترار خيانة زوجها بمعدة قوية ونفس مفتوحة.

أميرة الألفي بأناقتها وصمتها وجديتها وميزانها الذي لا يتوقف عن وزن تصرفاتها لتبقى سيدة محترمة دون غبار ودون أنانية. شخصية ناصعة تمشي بين الألغام بحذر شديد وانفاس متقطعة وشخصية جليدية ومشاعر مكبوتة.

تقدمها هند صبري هذه الشخصية الفذة والمثالية في مجتمعنا وتشبه أدوار المرأة التي تبلع المسلات وتعيش حياة مسروقة ومشاعر مصادرة وانحناء دائم حتى تصبح سيدة متقوسة لكثرة الانحناء.

 تقدم شخصية مثالية خارج الشبهات 

أميرة الألفي بالرغم من أنها شخصية مثالية وتأبى الخطأ والخطيئة إلا انها مستفزة بمكان ما تحتاج جرعة أقوى من الوقوف بصلابة وجرأة. فهي التي تكشف أسرار عملائها وجرائمهم وتدافع عن المظلوم وتأتي له بالحق. إلا أنها تحتاج سنداً وتحتاج كلمة ترفعها من هذا البئر الذي أسقطها به زوج أناني وحماة تريد مصلحة ابنها وبيته. ومكتب عمل “يكاري ” على ظهرها.

هند صبري التي قشرت هذا الدور وهذبته بما يلائم مجتمعنا وحملت أميرة الألفي بكل أمانة لتكون امرأة خارج الشبهات تدوس على الحب وعلى نفسها تكبت مشاعرها تآزر أصدقائها وتخرج امرأة ناصعة متفانية لكن لا يوجد شيء لها سوى الرضوخ والسمعة الحسنة.

هند صبري هي “مفترق طرق ” وكل المفارق في هذا العمل 

هند صبري في هذا العمل هي “مفترق الطرق” وكل المفارق في العمل وكل من حولها مساعدين لها. نظرة عين منها، الحزن الدفين، الابتسامة النادرة، المواقف الجليلة التي لا تنتهي في تقديمها يجعل منها كل العمل. الغبن الذي يصيبها من كل اتجاه تحمله بتشبث والأهم بأناقة.

تقدم شخصية التوازن والقوة والقدرة من خلال أميرة الألفي وتحكي عن النساء المغبونات عامة وكيف يمكن أن تظهر هذه المرأة المسلوبة دوماً أنيقة وصلبة، على أمل أن لا يكون نهاية العمل هو القبول بهذا الرضوخ للمرأة وهذا الانحناء المتلازم تحت شعار المحافظة على بيتها في حين كل من حولها يغرد النشاز على هواه.

نجحت هند صبري في نقل شخصية أميرة الينا كسيدة خارج الإسفاف وسيدة عاملة ومتزنة تحاول أن تبقى قوية بمعزل عن مشاعر العاطفة رافضة للخيانة، رافضة حتى للحب. قد تبدو هذه الشخصية مثالية جداً وغير موجودة لكنها درس قوي وحازم تريد صبري أن تكرسه في مجتمعنا. مع انتظار المشاهد أن تنصف هذه الشخصية في نهاية المطاف ولا تكون أميرة مسكر عصا للرجل والمجتمع تحت شعار ضرورة التنازل المستمر للمرأة حتى يستقيم هذا المجتمع الأناني الذي كل فرد فيه يبحث عن مصلحته.

هند صبري في هذه الأيام هي سيدة الشاشة سواء من خلال “مفترق طرق” الذي يبث على شاشة “شاهد” او من خلال “البحث عن علا” الذي يقدم عبر شاشة “نتفلكس”.

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا