“نص خبر”- كمال طنوس
طرح هاني شاكر ألبومه الجديد ويحمل اسم “اليوم الجميل”. تسع أغاني منوعة اللهجات: اللبناني والخليجي وغلب عليها المصري.
لم يخرج هاني شاكر من عباءته التي عرف بها، طرب وشجن وألحان تسقط في الروح. لكنه أضاف عليها بعض الخيوط الجديدة حيث الإيقاع عالٍ واللحن رشيق وهازج والموسيقى تلاعب نغمات الفرح. كما في الأغنية اللبنانية “يا ويل حالي” وكذلك في أغنية “اليوم الجميل” التي حملت اسم الألبوم.
الأغاني مقطوفة من حقول عدة بين الحب والعتاب والرجاء والغبن وتعب الحياة. مختلفة الأجواء فتعاونه مع ملحنين وشعراء مختلفين من كافة الوطن العربي أعطت الألبوم نكهات متخلفة ولكن يجمعها مناخ واحد صوت الفنان المعروف بالرقة والجمال والأصالة.
لا يتنازل عن أصوله وبصمته
لا يتنازل هاني شاكر عن أصوله التي بدأها وأبدع فيها. فهو مطرب العشاق والحياة. كلمته يجب أن تكون محفورة في الوجدان وتعبر عن قصة درامية كما في أغنية “تعباني حياتي” يقص فيها حكاية وجع تلامس كل مغبون وكل مقهور يعاني دون أن يجد من يشعر به أو يحفزه.
قد تكون أغنية “تعباني حياتي” أكثر أغنية تعبر عن خط الفنان الذي عرف به بإطلاق صرخة ألم وتصوير حالة المغلوب الذي يشقى دون أن يجد عزاء.
يؤخذ دوماً على الفنان هاني شاكر بأنه فنان الدمع والنكد، هذا لأن الفنان لا يصدر نفسه على أنه من أبناء المسرات بل من أبناء الأحزان. وفي الحزن يعلو النغم الرقيق المشبع بالإحساس المغموس بالحرقة يساعده صوته النظيف الذي يأتي به من قاع الروح حتى يتهيأ لمن يسمعه ولا يفهم كلماته بأنه يعيش القسوة وآهاتها ويطلقها نغمات.
ابن الأحزان أكثرمن كونه ابن المسرات
أبن الحزن هو وفي الحزن يطيب العزاء وأغانيه هي بلسمة جراح لكل محزون مخزول في الحب والصداقة والحياة والألفة. وفي اغنية “حمل الليالي” يجسد حالة القلب المكسور ويعاني ويطلب القرب يحكي عن روحه المعذبة.
لكن هاني شاكر منطقي في كل غنائه من بداياته يوم غنى “عللي الضحكاية ” لا يستسلم لتلك الصفة التي علقت به بأنه مطرب الحزن بل أكثر من يعرف أعماق الفرح، لكن صوته الشجي يرسل المستمع بحالة من الذوبان والتخلي عن كل الأصوات الأخرى ليغوص في حالة الصوت الكبير.
ومن يغوص كثيراً يتألم كثيراً لأن العمق منبه للدمع ومنبه للتجلي والتسبيح حتى ولو كان فرحاً. فنحن البشر نبكي بأعمق لحظات الفرح وربما أكثر من الحزن. فمن يستسلم لصوت هاني شاكر سيمسه ذاك الدفء العميق وتلك الألة الموسيقية العجيبة لأن صوته أجمل ألة وجدت.
لمحبي الفرح والرقص على حافة اللامبالاة سيجدون ضالتهم في أغنية “عادي” واحدة من أجمل أغاني الألبوم. أغنية الحب وعدم التأثر. أغنية القوة في عدم الاهتمام. اغنية الخلاص من الحب المسموم. أغنية الانتصار والتحدي يقدمها بنغمة راقصة وريتم ضاحك.
ويكمل هذه الملحمة الغنائية في عدم الاكتراث وعدم الاستجداء في اغنية “مالكة كل حياتي” حيث الحب السعيد وحب البراءة والروح المنفتحة على كل ما هو جميل. هذه الاغنية فيها من الطيبة والسذاجة لكل مبتدئ في الحب الذي لا يجد فيه إلا السعادة ويأتي اللحن مع الكلمات المرصوفة كأنها موطن الجاذبية وعالم من الزهر الفواح الذي يغشي الأنفاس. اغنية تلتقطها الأذن سريعا وتسقط في الروح كشربة ماء منعشة.
البوم جال فيه على بيادر الشعراء والملحنين في الوطن العربي
هذا الألبوم الذي اختاره كمن ينقي الحنطة في بيادرها جال فيها بين أسماء كثيرة من كل الوطن العربي واختار منهم تسع أغاني هي قطاف قدمه جرعة سمع لكل من يحب الطرب علماً أغانيه كلها قصيرة لا تتجاوز الثلاث دقائق والنصف. يقدم فيها مواضيع مختلفة بألحان متفاوتة وتوزيع مختلف صورها بطريقة جذابة ومنوعة.
ظهر هاني شاكر في معظم أغانيه التي لفها بصور وكليبات معبرة وهو بالبذلة السوداء والطلة الجديدة فابن السبعين يبدو يافعاً ومحفزاً فهو في بعض الأغاني يقدر أن يلامس المراهقين كما في أغنية “مالكة كل حياتي” أو يا ويل حالي” اللبنانية.
وفي أغاني أخرى سيكون المخضرم في الحياة كما في “بستان شوك” أخر اغنية في الألبوم والتي فيها “جوجلة” لحياة كاملة من الشوك والورد. ومن لا يعيش الحياة بإبرها وعطرها فهو ليس من أبناء الحياة التي تنخرنا بالوخز ثم تمدنا بالمعروف.
هاني شاكر في ألبوم “اليوم الجميل” يقدم تسع أغاني لا تسقط منها واحدة. يضيف هذا العمل على بناء فنه الذي عمره بمسيرة من أكثر من 35 البوماً. بدأها في السبعينات وما زالت مستمرة بعلوها كهرم يصمد في وجه الزمن ويكون من أكبرها.