18 يونيو 2023
حاوره: هاني نديم
يمتلك العراق من الجواهر الشعرية ما لا يحصى عددا، نذير الصميدعي أحد الأصوات الشعرية العراقية الخاصة التي أحبها، نصه دون مصادح إن جاز التعبير، غير مشغول بنفسه بقدر ما هو مشغول بالوجود والإنسان. عرفته لأول مرة منذ سنوات بعيدة في تونس الخضراء حيث قرأنا معاً في مهرجان شعري، ومن يومها وأنا أتتبع خطاه كشاعر مختلف، التقيته منذ مدة وكان بيننا هذه الدردشة:
- بين الهندسة والشعر، كيف تتوصل إلى مساحة وسطى بين الأمرين، وكيف تصف علاقتك بالشعر اليوم بعد هذه السنوات؟
-الشعر كائن حُر يستطيع المرور بالتوازي مع العديد من مجالات الحياة المختلفة وأن يتقاطع معها أحياناً دون أن يفقد وظيفته الأساسية المنبثقة من الجمال، وصناعة الدهشة بالنسبة لي كلّما توغلتُ معرفيّاً في مجالات الحياة التطبيقية التي أمارس عملي فيها وظيفيّاً تارةً وأكاديمياً تارةً أخرى أشعرُ أنّني أكثر قدرة على الكتابة والتجديد في الكتابة وكأنَّ التمارين العلمية تنشّط الفكر وتفتح مساحات مغلقة أمام الإبداع والتجدد.
أما عن العلاقة مع الشعر عبر الزمن فإنّني أصفها دائماً بأنها علاقة أخوّة لا أبُوّة كما قلتُ في بضعة أبيات لي عن هذه العلاقة : ما زلتَ تبدو لزهرِ الأمنياتِ ندى
وإنْ تسارع هذا العمرُ وابتعدا
تلهو مع الوَقْتِ تسقي فيهِ أغنيةً
ظلّت بأسماعِ مَنْ يستوحشونَ صدى
تقول للشعرِ اذْ ناداكَ أنتَ أخي
ولمْ أُردْكَ _ وانْ خالفتُهُمْ _ وَلَدا
- المشهد العراقي الصاخب، كيف تصفه وما هي أهم مقوماته ومشاهده؟
– المشهد الشعري العراقي صاخب بكل ما في هذه الكلمة من إيقاع حقيقي، لكنه صخب بالمعنى الإيجابي، بالعموم فما يزال العراق ولّاداً رافداً للعالم والوطن العربي بأسماء ثقافية مهمة على جميع الأصعدة وما ذاك إلّا نتاج لهذا الحراك المستمر، ربّما وجود هذهِ الأسماء يعد من أهم مقومات هذا الحراك لا سيما وهي تؤمن بضرورة تحديث القوالب المؤسسية من أجل نتاج مختلف ومشاهد مختلفة على الرغم من وجود مشاهد كثيرة تستحق التنويه
المشهد العراقي صاخبٌ الصخب الإيجابي
- متى تكتب؟ وماذا تقرأ وما هي ملامح الشعر الذي يحبه نذير الصميدعي؟
– لا يمكنني تحديد وقت معين للكتابة لأنّها ببساطة هي من تفرض نفسها علي وقد تقتحمني في أكثر الأوقات إنشغالاً أما عن القراءات فإنّني أحبُّ دائماً أن أربط التأريخ بالجغرافية في الشعر، فلا أقرأ عادةً النص مجرداً عن زمنه ومناسبته وبيئته، ولذلك فأنا أحب دائماً أن أتصفح الشعر عبر التأريخ، وخارج الشعر أجد في الرواية سياحة معرفية وتشويقية أبحث عنها، أما عن ملامح الشعر الذي أحب فهي كثيرة ومن الصعب الإحاطة بها وأبرزها ما تحمله الصورة الشعرية من الإبتكار والحداثة بصياغة أنيقة للمفردات وبلغة مكتنزة بالمعاني دون تكلف ومبالغة.