مناشدات لحظر تيك توك في المغرب

3 يناير 2024

صحافة العالم – العرب

كغيرها من البلاد، تعاني المغرب من انفلات وسائل التواصل، وبالأخص منصة تيك توك التي باتت تسبب هاجساً اجتماعياً كبيراً للمغاربة الذين وصفوه بإنه يهدّ ويهدم القيم المغربية الأصيلة.

وفي هذا كتبت صحيفة العرب تقريراً موسعاً عن تصاعد الدعوات المغربية إلى حظر تطبيق تيك توك في البلاد، إثر تزايد انتشار “المحتوى المسيء لقيم المغاربة”، بعد مشاركة أشخاص أغلبهم من الشباب والمراهقين فيديوهات وهم يرقصون أو ينفذون تحدّيات تتضمن مشاهد حاطة بالكرامة أو عنيفة أو ذات إيحاءات جنسية، بحسب المنتقدين.

ويبرر المطالبون بحظر التطبيق بالمخاطر المترتبة عن تداول الأطفال والمراهقين لهذه المحتويات على المستوى النفسي والقيمي، فضلا عن تأثير ذلك على صورة المغرب رافضين استغلال الأطفال والأجساد في ما وصفوه بـ”تسول الأرباح المادية”، حيث تسببت العديد من المواد والألعاب المنتشرة عبر التطبيق في حالة من الجدل بعد تأثر المراهقين بها. وأضافوا أن عدد الدول التي تفرض حظرا أو غرامات مالية على تطبيق تيك توك في تصاعد، بسبب مخاوف أمنية ومزاعم بانتهاك الخصوصية.

ولحماية الشباب والناشئة وصغار السن من التأثيرات السلبية لتلك التطبيقات ومنها تيك توك، ناقشت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب اقتراحا بشأن حظر تيك توك في المغرب وغيرها من التطبيقات التي لا تتوافر في شأنها سياسات ومعايير سلامة الاستخدام لاسيما في قطاع الشباب والطفولة، وعبّر العديد من النواب عن قلقهم واستنكارهم الشديد من المستوى الذي وصل إليه بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وتحديدا تيك توك.

ووجهت حنان أتركين عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، سؤالا كتابيا إلى وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في شأن حماية مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي من تأثيراتها السلبية، خاصة القاصرين منهم. وقالت أتركين إن “العديد من التطبيقات المتنافسة على استقطاب أوسع جمهور، تنتشر فيها ممارسات وسلوكيات مجرّمة بمقتضى القوانين السارية، لكنها تنفلت من الرقابة لارتكابها بالفضاء الأزرق، الذي يعرف انتشار ظواهر التسول، والتحرش، والاتجار دون التقيد بالمقتضيات القانونية، وتقديم الاستشارات الطبية دون ترخيص وغيرها من الظواهر التي يصعب حصرها”.

 

مصطفى ملوي: هناك ضرورة لإحداث ترسانة قانونية لمواجهة المحتويات المنشورة والرقابة على المحتوى المسيء للمغرب والمغاربة
مصطفى ملوي: هناك ضرورة لإحداث ترسانة قانونية لمواجهة المحتويات المنشورة والرقابة على المحتوى المسيء للمغرب والمغاربة

 

من جهته، وجه البرلماني نبيل الدخش سؤالا كتابيا لوزير الثقافة والشباب والتواصل المهدي بنسعيد بهدف التدخل لتقنين التطبيق المثير للجدل. وجاء في السؤال “انتشر استخدام منصة تيك توك في الآونة الأخيرة مما دفع بالعديد من الدول لاتخاذ إجراءات سواء بتقنين المنصة أو منعها نهائيا، وذلك حماية للأطفال والمراهقين والشباب والمواطنين الذين أدمنوا على الولوج إليها”.

وحذر الدخش من المخاطر الاجتماعية والصحية للتيك توك وباقي المنصات، وانعكاساتها النفسية والمعرفية على مستخدميها، مطالبا وزير الثقافة والتواصل باتخاذ إجراءات لتقنين استعمالها. لكن حظر التطبيق في المغرب “ليس بالسهولة المتخيّلة”، وهو ما يؤكده مصطفى ملوي، رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقمية، معتبراً أن “الأمر مستبعد بالنظر إلى اختيارات المغرب في مجال الحقوق والحريات”.

وأضاف ملوي، في تصريح لموقع هسبريس المغربي، أن “هناك ضرورة مستعجلة لإحداث ترسانة قانونية صارمة في مواجهة المحتويات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، والرقابة على المحتوى المسيء للمغرب والمغاربة، بالموازاة مع التوعية بثقافة تبليغ المواطن عمّا يراه مسيئاً لصورة المغرب من أجل تحقيق أرباح مادية”.

وذكّر بأن المرصد المغربي للسيادة الرقمية “كان من الأوائل الذين دقوا ناقوس الخطر بشأن الانحدار الخطير الذي تشهده محتويات منصات التواصل الافتراضي بالمغرب”، كما دعا إلى “تدخل عاجل للسلطات الحكومية والأمنية من أجل وقف تداعياتها على الصحة النفسية للأفراد بالمجتمع المغربي والسمعة الرقمية للمغرب”.

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا هاشتاغ بعنوان “لا لتيك توك بالمغرب”، أعرب من خلاله ناشطون عن رغبتهم في حجب الموقع بالمغرب، صوناً لصورة المغاربة، وأشار متابعون إلى أن وتيرة الفيديوهات المسيئة ازدادت مؤخرا بشكل كبير بعد أن أتاح تيك توك خاصية المكافآت في العروض المباشرة، وهو ما سمح للمتابعين بطلب عدد من الأمور الغريبة والدخيلة على البشرية بشكل عام، وعلى المجتمع المغربي بشكل خاص. ويصف تيك توك هذه المكافآت بأنها “عناصر افتراضية يمكن إرسالها لإظهار تقديرك للمبدعين المفضلين لديك على المنصة”.

كما طالب النشطاء بضرورة تطبيق قانون جديد يجرّم محتوى تيك توك المسيء إلى صورة البلاد، مع ضرورة ضبطه وإخضاعه لإطار قانوني زجري صارم، يعاقب كل من ينشر “التفاهة” أو يسيء إلى سمعة البلاد، إضافة إلى محاسبة أصحاب الأموال الطائلة عبر تقنية البث المباشر.

نواب يحذرون من المخاطر الاجتماعية والصحية لتيك توك وانعكاساته النفسية والمعرفية على مستخدميه

من جانبه، قال جمال حدادي، أستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة، إنه “بغض النظر عن مساهمة منصة تيك توك في خلق فضاء للتعبير والإبداع والابتكار، ناهيك عن أنها وسيلة للتواصل، فإن خطورتها تتجلى في هشاشة بنيتها من حيث حماية المعطيات الشخصية وانعدام تقنين استعمالها، ما حوّلها إلى وسيلة فاضحة لعورات مستعمليها، وبؤرة للروتين اليومي الفاضح والمتسلل إلى البيوت، وواجهة للأجساد والأطفال والنساء خاصة، بدعوى التحرر والتعبير”.

ويرى حدادي أن “الدعوة إلى تقنين استعمال هذا التطبيق وترشيد استغلاله وحسن استثماره، تستوجب تدخل هيئات لتعقب المستعملين، بشكل توعوي تحسيسي أولا بمحاسن التطبيق وتبيان الفرص التي يفوّتها بعضهم في حسن استثماره كمنصة للإبداع والابتكار والتواصل، ثم توضيح مساوئه ومغبات استعماله الاستعمال الخاطئ في ما يؤدي إلى عقوبات ومتابعات قضائية”.

واستشهد ناشطون بنجاح السعوديين قبل حوالي شهر في دفع المنصة إلى الخروج ببيان، بعد أن أطلقوا حملة رقمية واسعة على منصة التواصل الاجتماعي إكس من أجل الدعوة إلى ما وصفوه بـ”مقاطعة تيك توك، بعد انحيازه ضد المحتوى السعودي وتعمد حذف أيّ فيديو أو محتوى مرتبط بالمملكة”.

وأضافوا أنه لو استمرت الحملة المغربية، فيمكن أن تؤثر على المنصة وتقوم بتقييد الحسابات “المجنونة” أو المخلة بالآداب، أو المسيئة للمغرب بشكل عام. معتبرين أنه يجدر بالمجتمع المغربي أن يتناقش بجدية حول كيفية التعامل مع تلك التحديات الرقمية وضمان أن استخدام تكنولوجيا المعلومات يسهم في تطوير وتعزيز قيم الأجيال الصاعدة وأخلاقياتها، بحيث يكون لها الأثر الإيجابي المنشود في بناء مستقبل مستدام وأخلاقي.

قد يعجبك ايضا