30 يوليو 2023
الكاتب المسرحي والروائي الأردني / مفلح العدوان
مؤلف أوبريت( نهر الذهب) أوبريت افتتاح مهرجان جرش يكتب لنص خبر
مهرجان جرش للثقافة والفنون، له حضور عميق في الساحة الثقافية والفنية في الأردن، فهو أول المهرجانات الثقافية، وفكرته الأولى صدرت من مؤسسة أكاديمية هي جامعة اليرموك، فكان تأسيسه مدروس على أسس حضارية ثقافية مدنية، كان هذا بداية الثمانينات من القرن الماضي، وها هي الدورة 37 تراكم على ما قبلها من دورات حضر فيها فنانون وشعراء ومبدعون كثيرون، فأصبح المهرجان وجهة المبدعين والفنانين والمثقفين.
وإن اختياري لكتابة افتتاح الدورة 37 من مهرجان جرش، فيه تقدير للمبدع والمسرحي ليكون للافتتاح هويته وبصمته الخاصة، وهو في ذات الوقت مسؤولية بالنسبة لي، لتقديم المختلف اللافت لأنها ربما تكون المرة الأولى التي يكون الافتتاح أوبريت يعبر تاريخ جرش وأساطيرها والحضارات ا لتي مرت عليها بأسلوب فني قريب من المتلقي ولكنه يحمل عناوين ورسائل متعلقة بذاكرة المكان والانسان في جرش.
ويأتي اختيار عنوان افتتاح مهرجان جرش تحت ثيمة “نهر الذهب” في إطار استلهام التاريخ والتراث الثري لمدينة جرش، كحاضنة حضارية عريقة عبر كل العصور التي مرت عليها.
هذا التاريخ الذي مر على مدينة جرش، انعكس على ذاكرتها وعمرانها ومعالمها وكل تفاصيل سيرة المكان والإنسان فيها، وبناء على كل هذا فإن فلسفة كتابة وتقديم حفل الافتتاح انطلقت من ملامسة هذا المخزون التاريخي والأسطوري انطلاقت من التكوين الأول بعناصره البكر المنبثقة من التراب والماء والهواء والنار، إننا هنا نستنهض كل تلك المحمولات لتكون عتبة البدء، مدخلا لمفاتيح بوابات العصور التي مرت على جرش حيث العصر الإغريقي، والروماني، والبيزنطي، وصولا إلى دخول المسيحية، والفتوحات الإسلامية.
وهناك شخوص ورموز تعبر عن هذا التاريخ، والتي ما زالت مسمياتها متعلقة بالمدينة وحاضرة عبر معالمها، كما في شخصيات اسطورية كزيوس، وأرتيمس، وأخرى تاريخية كشخصية الامبراطور هادريان، والشاعر أرابيوس، ورابعة العدوية، والشاعر عرار، والقائد شرحبيل بن حسنة، ومجاميع تجسد الجوقة الإغريقية، وأخرى يحضر فيها أهل جرش عبر الزمان والمكان.
وإن التعامل مع التاريخ والأسطورة، وظلال مكان بمهابة مدينة جرش، يحتاج إلى لغة رشيقة، فيها شعرية، تصلح للغناء، وبجماليات تعبر عن سحر هذا المكان، وهذا ما راعيته في الكتابة ليكون المنتج النهائي، مع فريق مبدع في الاخراج والموسيقى والغناء والرقص، كلها تشكل وحدة متكاملة لتجسيد هذا العمل، وبث الروح المعبرة، ليكون العرض بما يليق بمهرجان جرش، ومدينة جرش الملهمة واللافتة.
واحد من أهم أهداف كتابتي والتي استحضرتها ليعبر عنها افتتاح جرش، هي القيم التي تشكل عناوين كبرى لجرش عبر التاريخ، وهي التسامح، والمحبة، والفن، والثقافة، والتعايش، والبناء، واستمرارية الحضور الفاعل والجمالي على مدار كل العصور التي مرت على جرش.
وتم استثمار اسم جرش، وتقلباته على مر الزمان، كجراسيا، والمدينة الواقعة على نهر الذهب، وجرشو، الى ان استقرت على تسمية جرش التي هي عليه الآن.