كتاب مدريد الإسلامية في قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في الشارقة 

11 ديسمبر 2023

خاص – نص خبر

قد يُدهش البعض عندما يعلم أن مدريد أسّسها عرب الأندلس، لتصبح العاصمة الاوروبية الوحيدة التي تحمل بصمات عربية جلية في مُورٍّثاتها العمرانية. هذا الفكرة الرئيسة وتطورها يعالجها كتاب “مدريد الإسلامية” الذي صدر حديثًا عن المركز القومي للترجمة، وهو إضافة جديدة لسلسلة العناوين التي تربو على أربعين التي أثرى بها الدكتور خالد سالم المكتبة العربية، ترجمها عن الإسبانية.

أدرك رواد معرض كتاب الشارقة الأخير أهمية هذا الكتاب فكان على رأس قائمة إصدارات المركز القومي للترجمة. وقد جاء تحت عنوان “مدريد الإسلامية”، وهو للمستعرب الإسباني دانيال خيل بن أُمية، وضمّنه الدكتور خالد سالم مقدمة تستحق التوقف والتأمل فيما طرحه من أفكار وأسئلة عن العلاقة بين العرب والغرب وموقفهم من الأندلس، ويتضمن علامات إستفهام كاشفة تحاول فك بعض شفرات الأندلس، الزمردة العربية في تاج الحضارة البشرية.

يبحث في الأصول العربية للعاصمة الإسبانية وتطورها منذ أن أسسها الأمير محمد الأول في القرن التاسع. والبداية كانت عبارة عن  قلعة عسكرية تربط بين شمالي الأندلس وجنوبها. ومن هنا أُطلق عليها الثغر الأوسط.

الأصل الإسباني جاء بعنوان Madrid Islamico، وكان الساري حتى مطلع القرن الحادي والعشرين مسماها التقليدي، أي مدريد العربية، لكن ظروفًا وعوامل فاعلة أخذت تزيح الصفة العربية لتحل محلها الإسلامية. وهذا الأمر ولج إليه الدكتور خالد سالم، الأستاذ في أكاديمية الفنون، إلى هذه النقطة ليستدل على سبب هذا التغيير.

يُذكر أن الاسم الأصلي للمدينة كان مجريط Mayrit  قبل تحوره طبقًا لصوتيات اللغة الإسبانية المعاصرة إلى مدريد. وهناك بناه على  مقربة من النهر ليصبح خطًا دفاعيًا للثغر العسكري وفيه قصر صغير لا تزال آثاره باقية لصيقة بالقصر الملكي الحالي.

جاء هذا الكتاب في لحظة تاريخية، في وقت يحاول البعض فيه البعض إضفاء ضبابية على الماضي العربي في شبه جزيرة أيبيريا، إسبانيا والبرتغال اليوم. ففي العقود الأخيرة ظهرت نعرة، كانت موجودة من قبل لكن على إستحياء، تبذل ما في وسعها لسحب الصفة العربية عن الأندلس وجعلها إسلامية، وكأن الإسلام ليس وليد العروبة.

هذا بينما ظهرت هناك أقلام مسمومة تحاول طمس أي صفة مشرقية عن الأندلس، إذ تنفث فكرة قديمة جديدة، وهي أن الأندلس صنعها الإسبان وأن لا حضور للمسلمين فيها. لم يشحذ أحدهم سلاحه ولم يجدد مداد قلمه الإلكتروني لتفنيد الفرية، وهي حالة تذكرنا ببعض التُرهات التي تحاول أن  تنزع عن المصريين القدماء شرف بناء الأهرام.

يخوض الكتاب في الوثائق والآثار التي تدور حول تطور مدريد العربية وطرق العيش فيها طوال فترة الحكم العربي وفي الحقبة الموريسكية، أي بعد خروج العرب منها.

يتألف اسم المدينة من لفظ عربي خالص “مجرى” أضيف إليه مقطع نهائي من اللاتينية الدارجة (-يط)، الذي يدل على التكثير. أي أن اسم الثغر يعني المكان التي تكثر فيه المجاري المائية، وبالفعل فإن باطن مدريد عبارة عن مجارٍ وقنوات جوفية كانت تحمل الماء إلى بيوت المدينة وحدائقها ومزارعها وحماماتها.

 إننا أمام كتاب يمثل قيمة مضافة جديدة لما نُشر عن الأندلس وعن مدريد، العاصمة الأوروبية الوحيدة التي أسسها العرب في القرن التاسع الميلادي، لتضاف إلى ما أثرينا به الحضارة الإنسانية قرونًا.

يذكر أن الدكتور خالد سالم ترجم كتبًا كثيرة بين الإسبانية والعربية، جزء كبير منها عن نظربات المسرح ومسرحيات أخرى. ومن بين الكتب المهمة التي ترجمها مؤخرًا كتاب يدور حول الأصول العربية للملحمة الوطنية الإسبانية، ملحمة السيد، إلى جانب عدة مسرحيات تعالج مسألة الهجرة غير القانونية في إسبانيا وموقف المجتمع الإسباني من المهاجرين المغاربيين. ونال عن هذه الترجمات عرفان الإسبان، فقد كرمته جمعية مخرجي المسرح الإسبانية بمنحه نيشانها، ومنذ عامين أقام له المركز الثقافي الإسباني في القاهرة حفل تكريم له.

 

 

قد يعجبك ايضا