12 أغسطس 2023
أحمد عبدالحسين – شاعر وصحافي عراقي
كثيرون لم تعجبهم أغنية فيروز الأخيرة، لم تعجبهم كلماتها في الحقيقة. وأظنّ سببين وراء ذلك: إن الكلمات لريما ابنة فيروز وهي لا تلقى تعاطفاً من قبل كثيرين بسبب علاقتها التي كانت ملتبسة مع زياد وشائعات حول “احتكارها” لفيروز ولمناكفاتها على السوشيال ميديا. والثاني فنيّ بحت يتعلق بطبيعة هذه الكلمات. الشعر في هذه الأغنية قصيدة نثر محكية، لا وزن ولا قافية ولا شيء مما اعتادت عليه الأذن التي أدمنت فيروز.
هل أستطيع أن أذكر سبباً ثالثاً؟ فيروز في أغنيتها هذه أرضية جداً. وسأبين ذلك.
قلت “أغنية فيروز الأخيرة” وأنا اعرف أن الأغنية سُجلت سنة 2017 لكنّ “ريما الحندقة” نشرتها اليوم وجاءت ردود الفعل متباينة.
في لحن الأغنية ما يذكر بلحن أغنية لمادونا في “Evita” وكلتاهما في رثاء بلد! لكنه جميل، مع شلال الذهب الهادر الذي هو صوت السيدة فيروز. أفهم الأغنية وأحبها في سياق إنزال فيروز إلى الأرض الذي بدأه زياد ببراعة وهنا تكمله ريما “ببراعة أقلّ ربما”.
فيروز غاضبة من وطنها هنا. تقول له: أنت الذي خربت نفسك بيديك، هل كنت أخدع أطفالي بالحديث عنك كأسطورة؟ كنت أتحدث عنك كسماء زرقاء، ولأني أحبك بقيت معك في وقت هاجر الجميع لكنك يا وطني كذبت عليّ، وغداً أطفالي يهاجرون ويبتعدون عنك. لا تزعل مني يا وطني. انت “ما بتستاهل هالبشاعة اللي عملتها بيديك”ّ!
وتختم أغنيتها لوطنها “مابدي منك إلا انك تسمعني وتصدقني”.
لكن أوطاننا القاسية البشعة لا تسمع.
الصدمة أن فيروز غاضبة من وطنها فتراه بشعاً، وغاضبة من تاريخها، من “رومانسية” الشرفة التي أطلتْ منها على العالم، ولهذا غضب منها بعض محبيها.
هذه هي الحكاية كلها!