مثل كاتدرائية «ساغرادا فاميليا» الشهيرة في برشلونة، التي صممها المهندس المعماري الكاتالوني أنتوني غاودي وتظل قيد الإنشاء منذ أكثر من 140 عامًا، لا يزال العمل في مبنى ملون يتكون من أربع طبقات في حي بارايسوبوليس البرازيلي مستمرًا.
“نص خبر” ـ متابعة
وصرح البنّاء والبستاني السابق، الذي يعمل على هذا المشروع منذ 39 عامًا، قائلاً: «إنه مشروع حياتي. لا أعلم إذا كنت سأنهيه قبل أن أموت، الله وحده يعلم».
هذا المبنى، الذي أطلق عليه سكان الحي اسم «كاستيلينيو»، أصبح نقطة جذب سياحي بفضل منحنياته المتعرجة، التي تشبه بشكل مذهل أعمال غاودي مثل «بارك غويل». ومع ذلك، يؤكد البرازيلي أنه لم يسمع عن غاودي قبل أن يبدأ بناء قصره على قطعة أرض لا تزيد مساحتها عن 60 مترًا مربعًا في هذا الحي الفقير الذي يضم أكثر من مئة ألف نسمة. ويضيف: «لقد صنعت عملاً يشبه عمل غاودي من دون أن أقلّده، لقد خرج من ذهني ببساطة».
رحلة هذا الرجل، الذي لم يحصل على تعليم أكاديمي، تعكس قدرة الإبداع على تجاوز الحدود. وقد اكتشف أحد الطلاب التشابه بين «كاستيلينيو» وأسلوب غاودي في مطلع القرن الجاري، مما أدى إلى إنتاج الفيلم الوثائقي «غاودي إن ذي فافيلا» للمخرج سيرجيو أوكسمان عام 2002. خلال تصوير الفيلم، ذهب دا كونسيساو إلى برشلونة لاستكشاف أعمال غاودي، مما ساهم في زيادة شهرة مشروعه.
اليوم، أصبح «كاستيلينيو» موقعًا سياحيًا يستقطب الزوار، حيث تتجاوز تكلفة التذكرة خمسة دولارات. تقول سيلي مونتيرو مينديز، سائحة من ماناوس: «ثمة الكثير من الأشياء التي يمكن الاطلاع عليها، وكل زاوية صغيرة مملوءة بالتفاصيل التي تستحق المشاهدة».
عند دخول الزائر، يمر عبر مدخل مزين بصحون متعددة الألوان، ليصل إلى غرفة تشبه الكهف، وهي نقطة البداية لمتاهة من صالات العرض ذات الأسقف المنخفضة والسلالم الضيقة. الجدران مغطاة بالحصى البني ومزينة بمئات القطع المتنوعة، بدءًا من الألعاب البلاستيكية إلى العملات القديمة، التي تبرع بها الزوار.
وُلد «غاودي البرازيلي» في ولاية باهيا وانتقل إلى ساو باولو عام 1977. في عام 1985، اشترى أرضًا لبناء منزله في بارايسوبوليس، وبدأ في زراعة حديقة ورود وبناء هيكل معدني حولها. ومع ذلك، نمت النباتات بسرعة، مما دفعه إلى إزالة كل شيء وتغطية الهيكل بالمزيد من الإسمنت، ليبدأ في بناء قصره.
تظهر النباتات مجددًا في الطبقة الأخيرة من المبنى، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بأصوات الطيور ومشاهدة مشهد يعكس الفجوة الاجتماعية في البرازيل، حيث تمتد الأكواخ الفقيرة في المقدمة، بينما تتلألأ المباني الفخمة في منطقة مورومبي في الخلفية.