الثلاثاء 11 أبريل 2023
أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة الكثير من الإربكات، وأثارت القلق حول حلولها مكان العنصري البشري، ما يرسم مستقبلاً قاتماً حول مستقبل الوظائف لدى شريحة واسعة من المتشائمين.
الإرباك لم يقتصر على مستقبل سوق العمل فحسب، بل وصل إلى مصداقية الأخبار والصّور المتداولة، بعد تطوّرات مبهرة جعلت الصور التي تنتجها هذه التقنيات تبدو شديدة الواقعيّة وتجد رواجاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
فكيف هي السبل لكشف الصور الحقيقة من تلك التي ينتجها الذكاء الصناعي؟
حتى اليوم ما من أداة يمكن أن تجزم ما إن كانت الصورة وليدة برنامج ذكاء اصطناعيّ، إلا أنّه يمكن الاستناد إلى عناصر عدّة قد تُشير إلى استخدام هذه التقنيّة، بحسب ما أفاد خبراء استطلعت آراءهم وكالة “فرانس برس”.
آلية إنتاج الصور عبر الذكاء الاصطناعي
تتيح بعض برمجيات الذكاء الاصطناعي، مثل “دال-إي”، “ميدجورني” و”ستايبل ديفيوجن” و”كرايون”، توليد صور بمجرّد إدخال بعض الكلمات المفتاحية باللغة الإنكليزيّة مثل (رائد فضاء يركب حصاناً على كوكب المريخ)، وذلك باستخدام قواعد بيانات ضخمة تعزّزها أيضاً طلبات المستخدمين.
لكن كيف يمكن أن نميّز هذه الصور؟ بعض مستخدمي مواقع التواصل يلجؤون إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ لإنشاء أعمالٍ فنيّة أو صورٍ على سبيل الفكاهة، لكنّ آخرين يستخدمون هذه الأدوات لإنتاج صورٍ مرتبطة بأحداثٍ سياسيّة.
صورة مثيرة للجدل لزعماء العالم
من بين هذه الصور الرائجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واحدة تعود للقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ بنظيره الروسيّ فلاديمير بوتين في 20 آذار/مارس 2023، ومجموعة أخرى لمشاهد متخيّلة تُظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجمع النفايات.
Hi, I’m a tech reporter that covers China, cybersecurity, & new media. Hundreds of people are sharing this photo of Xi Jinping & Vladimir Putin as they meet at the Kremlin. The two did meet, but it’s highly likely this photo was generated by an AI program. Here’s why: ? pic.twitter.com/6xqsDLxiMa
— Amanda Florian 小爱 (@Amanda_Florian) March 21, 2023
غالباً ما يعمد صانعو هذه الصور للإشارة إلى أنّها نتاج برامج ذكاء اصطناعيّ، لكنّها سرعان ما تنتشر خارج سياقها ويصدّق البعض أنّها حقيقيّة.
L’#ia #photo a fait des progrès démentiels en très peu de temps, désormais le #fake sera la norme sur les #reseaux, doutez de ce que vous voyez par défaut, plus le choix.#midjourney #midjourneyv5 pic.twitter.com/dJoZXGrbRy
— Cryptonoo₿ From 100K to 0 ? (@Cryptonoobzzzz) March 19, 2023
كيف نكتشف زيف الصّور؟
ثمة هناك أدوات عدّة لكشف حقيقة هذه الصور وأخرى قيد التطوير، إلا أنّ النتائج التي تقدّمها ليست حاسمة، وقد تعطي نتائج غير دقيقة، بحسب تجارب قام بها صحافيو فرانس برس.
ويشرح ديفيد فيشينغر المهندس المتخصّص في الذكاء الاصطناعيّ في جامعة فيينا للتكنولوجيا لـ”فرانس برس”، أنّ عمل الذكاء الاصطناعي لا يقوم على مجرّد اقتطاع أجزاء من صورٍ لإعادة تركيبها إذ “يلجأ إلى ملايين بل مليارات الصور لاستخراج بيانات منها، ثمّ يعيد استخدامها لتوليد صورة جديدة تماماً”.
بدوره يوضح فينسنت تيراسي، أحد مؤسسي شركة Draft&Goal الناشئة التي تطوّر أداة خاصة بالجامعات تكشف المحتوى المنتج عبر الذكاء الاصطناعي، أنّ برامج الذكاء الاصطناعي تخلط الصور المتاحة لها في قاعدة البيانات ثم تفكّكها لتعيد بناء مشهد جديد تماماً لا يمكن تتبّع العناصر المستخدمة في صناعته.
لهذه الأسباب لا يمكن لمنصّات كشف الذكاء الاصطناعي أن تصل لنتائج حاسمة في هذه المرحلة.
لكن ماذا عن البيانات الوصفيّة (Metadata) التي تُعتبر بطاقة تعريفيّة للصورة ويمكن أن تتضمّن معلومات عن أصلها؟
“للأسف لا يمكن الاعتماد على هذه البيانات لأنّها تُحذف مباشرة عند تحميل الصورة على مواقع التواصل”، بهذه العبارة تجيب الأستاذة في جامعة فريديريك -2 في نابولي والمتخصصة في الذكاء الاصطناعيّ أناليزا فيردوليفا على سؤال فرانس برس.
العودة إلى مصدر الصورة
بحسب الخبراء، أفضل طريقة لكشف حقيقة الصورة تكمن في العثور على مصدرها الأصليّ، فقد تكون منشورة على حساب مَن صنعها مرفقة بإشارة إلى أنّها نتاج برنامج ذكاء اصطناعيّ.
وهنا يمكن استخدام البحث العكسيّ عن الصور في مختلف محرّكات البحث للوصول إلى الصفحات التي نشرت الصورة.
لقد أتاحت هذه الطريقة الوصول إلى أصل الصور التي زعم ناشروها أنّها لتوقيف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
Making pictures of Trump getting arrested while waiting for Trump’s arrest. pic.twitter.com/4D2QQfUpLZ
— Eliot Higgins (@EliotHiggins) March 20, 2023
فقد أرشد أحد الروابط إلى تغريدة نشرها إليوت هيغينز مؤسس موقع بيلينغات المتخصّص بالتحقيقات المفتوحة المصدر في 20 آذار/مارس 2023، يقول فيها إنّه صَنع هذه الصور باستخدام الإصدار الأخير لبرنامج “ميدجورني”.
إذاً باتت مهمّة تتبّع مصدر الصّور مهمّة شاقة، وبات تقصّي الحقائق وكأنّه يدور في حلقة مفرغة، في عصر ذكاء اصطناعي يجعل مستقبلنا مفتوحاً على كافة الاحتمالات.