علي اسماعيل – كاتب سوري
في مراجعة شبه شاملة للتريندات التي أثيرت عبر سنوات الإنغلاق العربي في بؤر مواقع التواصل الاجتماعي ، لا يمكن أن تستشف إلا المساحة الواسعة للجهل الذي تميزت به شريحة واسعة من المتابعين و المتابعات، فكم هو مقلق أن تشاهد ملايين المشاهدات على مقطع سخيف عنوانه ” شاهد قبل الحذف “.
مشاهدون بالآلاف يثبتون إعجابهم بل و يعلقون ذات التعليق! ونتساءل: كيف يمكن لخريج جامعي أن يتوقف عند صورة تظهر أصابع قدم إحدى جميلات الفن، ويعلق لها عبارة غزلية من الطراز السخيف؟!
مخيف جدا هذا التدني وهذا الاستعداد الحار للهتك و القدح و الذم ، ليس المهم فقط ارتفاع أعداد المتابعين أو ميولهم أو تدني أخلاقهم، الأهم و الأخطر هم الأشخاص المؤثرون على تلك المواقع، مدريرو صفحات الفيس بوك، أصحاب قنوات اليوتيوب المليونية وغيرهم في مواقع مختلفة، يتمتعون بجمهور واسع لمحتوى متخلف، وهم أكثر من غيرهم يتحملون المسؤولية الكبرى في نشر الأخطاء و الحماقات والقيم البالية،
كم هو مرعب لنا وللناس جميعا أن يدركوا يوما أن بلداناً كاملة سقطت بفعل مجموعات فيسبوكية سرقت مهنة الصحافة وراحت تعيث فسادا أصفر شرقا و غربا.
اليوم ورغم اتساع هذه السحابة السوداء في سمائنا مايزال هناك حل لضبط هذه الظاهرة التي بدأت ضرائبها تتضاعف، يمكن لجميع الحكومات أن تضع الصفحات والقنوات الكبيرة تحت إدارتها وبرعاية اجتماعية همها الرقي و القيم دون قمع للحريات
ليس هناك أجمل من مواكبة الحداثة و التعايش مع التقنيات، لكننا نحتاج لمواكبة لا تفقدنا هويتنا، وكم هو صعب على الإنسان أن يدرك يوما أن هويته وعاداته وأعرافه و كل ما يعتز به أصبح بأيدي أشخاص من الطبقة الناشرة للغازات المسرطنة.