الجمعة 14 أبريل 2023
بيروت_ إيمان إبراهيم
“تلت التلاتة” واحد من الأعمال التي انضمّت إلى الماراثون الدرامي في النّصف الثاني من شهر رمضان المبارك، تؤدي فيه الممثلة غادة عبد الرازق ثلاثة شخصيات، ينتهي دور واحدة منها في الحلقة الثانية.
المسلسل ينتمي إلى عالم الجريمة، يتأرجح بين التشويق والإرباك، يتلاعب أبطاله بعضهم ببعض، ويتلاعبون بالمشاهدين، لعبة خطرة قد تؤدي إلى نفور المشاهد الذي كلّما وصل إلى عقدة، يكتشف أنّه كان ضحيّة خديعة، وأنّها لم تكن عقدة أصلاً، وأنّ الأحداث تنقلب بصورة غير منطقية.
نقطة ضعف المسلسل وربّما قوّته أنّك لا تتعاطف مع أي من أبطاله، حتى الضّحية تتحوّل إلى جلاد، تمارس في انتقامها طرقاً غير مشروعة، تدفعك أحياناً إلى التواطؤ مع غريمها.. غريمها المغمّس بخطيئة لا شيء يشفع له. تشعر أنّك أمام مباراة شر، لينتصر فيها من يشاء وليهزم من يشاء، عملية شدّ الحبال هذه خير لها أن تنتهي بانقطاع الحبل وسقوط الطرفين.
تبدأ أحداث المسلسل عندما تكتشف فريدة (غادة عبد الرازق) أنّ زوجها يخونها، اكتشافها يأتي في مرحلة حاسمة من حياة الزوج الذي اثقلت كاهله الديون، مهدّد بالسّجن وبإقفال شركته، يقوم بكتابة فيلا العائلة باسمها، كي تتمكن من سحب قرضٍ من البنك يغطي ديونه.
اكتشاف الخيانة يجعل مصير الزوج الحتمي السّجن، في لحظة يأس يتّخذ قراراً بقتلها، يسحقها تحت عجلات السيارة، تتساءل “كيف ينتهي دور البطلة من الحلقة الأولى؟”، تكتشف أنّ الأمور لا تسير بهذه الطريقة، وأنّ لفريدة شقيقتين توأمتين، قتل إحداهما ظناً منه أنها زوجته.
لن ندخل في تفاصيل، كيف أنّ الزّوج لا يميّز بين زوجته وشقيقتها، وكيف أنّه لا يعرف تفاصيل يومها، فيتبعها وهي تقود دراجتها النارية ليسحقها، قبل أن يكتشف أنه قتل الشخص الخطأ.
تنكشف الجريمة سريعاً، لا بطء في سير الأحداث، بل إيقاع يخطف الأنفاس، ليبدأ انتقام فريدة.
تتوقّع أن تزجّ بزوجها في السّجن، لكنها تنتقم بطريقتها الخاصّة، تشعر أنّها صفحت حيناً، لتسدّد له الضربات من حيث لا يدري. تتفنّن في الأذية. تطبّق العدالة بمفهوم ملتوي، يجعل جريمة زوجها أشبه بجنحة، أمام هول انتقامها وفظاعته.
يتأرجح إيقاع العمل عندما تفهم لعبة الإخراج، والفلاش باك، والمشاهد التي تشاهدها مرّتين، مرّة عندما تقرر فريدة خداعك، ومرّة عندما تكشف الحقيقة أمامك لترفع شارة الانتصار، لعبة تبدو فيها الزوجة المخدوعة وكأنها تنتقم من المشاهدين كما من زوّجها، بدل أنّ تجرّهم معها إلى لعبة الانتقام.
المسلسل جديد من نوعه، إخراجه جذاب رغم غرق بعض المشاهد في الظلام دون أي مبرر درامي، تحاول غادة عبد الرازق ببراعة خلق تباين في شخصيات التوائم، خصوصاً عندما تؤدي الشخصيات الثلاثة في مشهد واحد، يتم تصويره على ثلاث دفعات، في كل مرّة عليها أن تحدّق في الفراغ وتتخيّل ردّة فعل الطرف الآخر، مهمّة شاقة نجحت فيها إلى حدٍ ما.
في حلقته السابعة، لا يزال العمل يسير بإيقاع تصاعدي، كان من المقرّر أن يكون 30 حلقة، واتخذ القرار بسبب عدم جهوزيته بتقليصه إلى 15 حلقة، حذفت الكاتبة هبة الحسيني الكثير من المشاهد والخطوط الدرامية، إلا أنّ الأمر لم يؤثر على النتيجة النهائيّة، لم يبد العمل مبتوراً ولا مجتزأ بل حافظ على تماسكه.
“تلت التلاتة” أشبه بمتاهة، بعض المتاهات تخلق نوعاً من التحدّي وبعضها يحوّل التحدّي إلى عجز، لا يزال العمل ممسوكاً بانتظار أحداث قد تقلب المشهد وتعيد تصنيف الضحية والجلاد.
“تلت التلاتة” تأليف هبة الحسيني، إخراج حسن صالح، بطولة غادة عبد الرازق، ليلى أحمد زاهر، مي سليم، محمد القس، صلاح عبد الله، مصطفى درويش وغيرهم، إنتاج ممدوح شاهين.