المنتج السوري فراس الجاجة لـ «نص خبر»: لهذه الأسباب تراجع إنتاج الدراما المحلية؟!

نص خبر- مكتب دمشق

25  أغسطس 2023

في الحديث عن المسلسلات المحلية الخالصة في سوريا يبدو أن نسبة إنتاجها على مستوى الكمّ تراجعت بشكل ملحوظ. هذا الموسم الذي يشي بجمود صريح. الأكيد أنّ الأمر يعود إلى أسباب عدّة، من بينها الضغوط الاقتصادية والحصار الأميركي وانهيار سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية، إضافة إلى التهاوي الخدماتي الذي لا يتوقّف. وهناك سبب آخر يتمثّل في سفر مجموعة كبيرة من الفنيين والممثلين إلى تركيا للعمل في تلك المسلسلات المعرّبة التي تدفع أجوراً جيدة، وتوفّر إقامات محترمة أثناء الفترات الطويلة التي تدور خلالها الكاميرا.

حول هذا الموضوع وحيثياته وأسباب تراجع عجلة الإنتاج وبزوغ ملامح موسم مضروب، يقول المنتج فراس الجاجة (أفاميا الدولية للإنتاج الفني) في حديث إلى «نص خبر» إنّ: «أهم الأسباب هو عدم انسجام المنطق المالي والكلفة الإنتاجية مع أسعار المحطات وقنوات العرض. هناك مثل شعبي بسيط يلخّص القصة: من عرف رأس ماله باع واشترى». ويتابع: «العام الماضي، تعرّضت أعمال للكساد وأقرن كلامي بالبراهين والأدلة. إذ إنّ هناك قرابة ثمانية أعمال بين قصيرة وطويلة تتجاوز كلفتها ما يعادل الـ 7 ملايين دولار أميركي، بقيت جميعها في أدراج منتجيها. تلقّى المنتجون صفعة قوية، ولا سيّما أنّ غالبيتهم تدخل السوق للمرّة الأولى، وعلمت متأخرةً أنّ اللعبة الإنتاجية هي دورة إنتاج وتسويق وميزانيات ولغة أرقام أوّلاً»

المنتج فراس الجاجة : ضعف الرؤية وتهديد الدراما السورية، يبدآن من النجم الذي يبالغ في أجره!

ويضيف: «نلخّص القصة بلغة الأرقام وبطريقة مبسطة. حينما تكون كلفة الإنتاج 10 ليرات مثلاً، وأحصل على ليرة واحدة ثمناً لعملي لكنّني أبيعه لعشر محطات، أكون قد جمعت رأس مالي. لكن حينما تكون كلفة منتجي 300 ليرة ولا أستطيع بيعه، حينها تتحمل المسؤولية أوّلاً شركات الإنتاج التي لا تدرك طبيعة السوق، ولا تقرأ المعطيات بشكل صحيح، ولا تسعى إلا لدوران الكاميرا». أما المشكلة الثالثة بالنسبة إلى الجهات المنتجة السورية، فيلخّصها الجاجة بـ «أجور النجوم الذين يطلبون أرقاماً فلكية لا تنسجم مع وضع السوق. فماذا يعني أن يطلب ممثل مبلغاً وقدره مليار ليرة سورية على دور في مسلسل محلّي؟. نحن كمنتجين لا نملك جهات تجارية عملاقة كـ «رعاة رسميين»، ولا بنوك ضخمة توقّع عقود رعاية. كذلك، لا توجد شركات اتصالات مهتمة للإعلان من خلال اسم هذا الممثل وتتكفّل بأجره. ليس لدينا سوق عرض أو محطّات ومعلنين يشرّعون المنافسة على منتجنا». ويكمل: «كل ما هناك أنّنا نبيع أعمالنا في سوريا إلى قنوات «سما» وLTV و«التلفزيون السوري»، لكن مجمل ما تدفعه لا يساوي إلا الفتات حرفياً. إذاً، هذه هي القيمة السوقية لأيّ نجم سوري في بلاده، وعليه أن يتقبّل الحقيقة المرّة… حتى نكون واضحين، هناك أربعة أو خمسة ممثلين أسماؤهم بيّاعة ويعرفهم الجميع. أما الباقي، فكلّهم في كفّة واحدة بمفهوم المحطّات والمنصّات والمعلن. لذا فإنّ ضعف الرؤية وتهديد الصناعة، يبدآن من النجم الذي يبالغ في أجره من دون أن يعي قيمته السوقية الواقعية».

وفي ما يتعلّق بالمصاعب التي تواجه المنتج حالياً، يقول الجاجة إنّه إذا لم يكن المنتج السوري «متماسكاً وفق شروط السوق، فسيصبح خارج اللعبة. لأنّه لن يكون مستعداً لتقديم الهدايا، ودفع الرشى ربّما، وتوسيع العلاقات بطريقة قد لا تكون مثالية، لكي يستطيع تدبّر الوضع. وفضلاً عن النجوم، نحن نواجه طلبات غير منطقية حتى من بعض المخرجين… مع تلاشي المساحة المتاحة للأعمال بالسوية المتوسطة من ناحية الميزانيات وغيرها، فيما يرهق المنتج اليوم بتكاليف هائلة، من طعام وشراب ومواصلات وغيرها، وسط موجة غلاء مرعبة».

الأمر لا يتوقّف عند هذا الحدّ بل يتعدّاه لسبب آخر وجوهري، وهو أنّ الأعمال التركية سحبت نسبة كبيرة من الممثلين والفنيين. تلك الظروف لن تثني «أفاميا» عن الدخول في خضم الإنتاج بمجموعة أعمال تحت مظلّة شركة «قبنض»، لأنّه بحسب الجاجة «التحدّيات كبيرة لكن الشغف مستمرّ. كان لا بد من تنسيق الجهود للدخول في مجموعة أعمال ضخمة توفّر كل المتطلبات التسويقية، بالتعاون مع مجموعة نجوم وازنين ينسجمون مع سمعة الدراما السورية أيّام عصرها الذهبي».

 

قد يعجبك ايضا