التخدير والعناية المركزة توأمان
الدكتور:موفق عبد المولى
10 أبريل 2023
تعتبر العناية المركزة في جميع المستشفيات رافداً أساسياً لقسم التخدير وأقسام المستشفى عامة،حيث تستقبل الحالات الحرجة التي تتطلب عناية خاصة ومراقبة لحظية دقيقة،وهي في الحقيقة مقسمة في المراكز الطبية الكبيرة إلى اختصاصات مختلفة تهتم كلاً منها بفرع من فروع الطب الذي يتطلب هذا النوع من العناية الدقيقة؛فمثلاً لدينا العناية المركزة الجراحية، والعناية المركزة القلبية، والعناية المركزة العصبية، ووحدات القصور التنفسي، وهي تحتوي على أجهزة خاصة تتناسب مع نوعية الخدمة التي يتلقاها المريض فيها،ويشرف على هذه الوحدات أطباء التخدير والعناية المركزة،حيث يصعب علينا أن نتصور طبيباً في التخدير والإنعاش دون أن يكون ملماً بشكل كاف بمهارات العناية المركزة وأسرارها؛فالتخدير يبدأ بسلسلة من الإجراءات والفحوصات ومجموعة مختلفة من الأدوية التي تؤمن للمريض النوم وتسكين الألم وتهدئة الجملة العصبية المركزية والإرخاء العضلي، الأمر الذي يوفر للجراح ساحة مريحة يمكنه من إجراء الجراحة بيسر وسهولة.
وعلاوة على ذلك فإن مراقبة العلامات الحيوية للمريض من نبض وضغط دموي وتنفس وحرارة وأكسجة كافية ومحافظة على وظائف الأعضاء الحيوية كالدماغ والكلية والكبد بحالة أقرب ما تكون إلى الحالة الطبيعية. وتأتي مرحلة الصحو حيث أن هناك الكثير من الإجراءات والإعتبارات التي تنقلنا إلى مريض كامل الوعي،هادىء الجوانح،ساكن القلب،لا يشعر بأي ألم..غير معرض لبعض العوارض التي تحدث عادة بعد التخدير كالإقياء والغثيان والتي يتم معالجتها بالأدوية اللازمة،وهذا بشكل عام ما يحدث بعد تخدير المريض الصحيح الجسم والذي احتاج لعملية جراحية بسيطة كاستئصال اللوزات أو الزائدة الدودية أو الفتق الإربي بأسفل البطن أو حتى استئصال المرارة عن طريق المنظار وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
ولكن هناك بعض المرضى الذين يعانون من أمراض لا علاقة لها مباشرة بالعملية الجراحية المزمع إجراؤها، كارتفاع التوتر الشرياني واضطرابات نظم القلب ونقص التروية القلبية والداء السكري والربو القصبي فضلاً عن احتشاء العضلة القلبية وقصور الوظيفة القلبية أو الكلوية أو الكبدية؛فهذه الأمراض كلا حسب شدته ودرجة تأثيرها على الجسم بحاجة في بعض الحالات لا كلها إلى اهتمام أكثر وعناية لحظية،وذلك بمراقبة هذه الأعضاء المصابة ودعمها بأدوية خاصة ونظام متكامل من المراقبة المستمرة للمريض حتى يتماثل للشفاء،فقد يحتاج بعض المرضى يوماً أو يومين في العناية المركزة تحت هذه الظروف الأكثر سلامة وتعتبر العناية المركزة مرحلة هامة في استقبال وعلاج المرضى المعرضون للحوادث والرضوض الشديدة والتي تؤثر على استقرار أجهزة الجسم وحيويتها وخاصة الجهاز العصبي والتنفسي،ويضاف إلى ذلك القصور الحاد والمزمن في الجهاز التنفسي،والذي يحتاج إلى الدعم الطبي المراقب بشكل دقيق يصل في بعض المرات إلى استعمال جهاز التنفس الإصطناعي الداعم لأكسجة أنسجة الجسم والقيام بعمل الرئتين في حالة قصور وظيفتهما،وهذا الجهاز غالبا ما يستعمل لمدة مؤقتة ريثما يستعيد العضو المصاب عافيته سواء كان سبب القصور التنفسي رئوياً أم دماغياً أم استقلابياً.
_____
*أخصائي التخدير والعناية المركزة بمستشفيات الحمادي بالرياض