تطالب عائلة جمشيد شارمهد، المعارض الإيراني الذي يحمل الجنسية الألمانية والذي أعلن القضاء الإيراني أنه أعدمه الأسبوع الماضي، بدليل على أنه أُعدم فعلا، بحسب ما قالت ابنته في مقابلة مع وكالة فرانس برس، مضيفة أن الأسرة منفتحة على كل الاحتمالات بشأن مصيره.
“نص خبر”- وكالات
وأُعدم شارمهد الذي ولد في إيران لكنه أصبح مواطنا ألمانيّا وكان يعيش في الولايات المتحدة بشكل دائم، في 28 تشرين الأول/أكتوبر بتهمة “الإفساد في الأرض”، وفق ما أفاد موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية الإيرانية.
لكن ابنته غزاله شارمهد، المقيمة في الولايات المتحدة، قالت لوكالة فرانس برس في مقابلة عبر الهاتف إن أسرته ليس لديها دليل على إعدامه سوى هذه التقارير وليس لديها معلومات حول كيفية إعادة جثمانه.
وجرت محاكمة جمشيد شارمهد (69 عاما) وإدانته بعدما اختطفه عملاء إيرانيون في الإمارات العربية المتحدة في تموز/يوليو 2020 ونقل قسرا إلى إيران، وفقا للعائلة وللفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي في تقرير صدر عام 2022.
ولا تعترف إيران بازدواجية الجنسية وأعلنت توقيف شارمهد بعد “عملية معقدة”، دون تقديم تفاصيل.
وقالت ابنته إنه بالإضافة إلى كونه مواطنا ألمانيّا، يجب أيضا اعتبار جمشيد شارمهد مواطنا أميركيّا وفق مشروع قانون أقرّه مجلس الشيوخ في العام 2020، ودعت برلين وواشنطن إلى بذل المزيد من الجهود لمعرفة ما حدث له وإلى زيادة الضغط على طهران.
وأضافت “ما زلنا ننتظر أن يتحقق الألمان والأميركيون بشأن ما حدث لرهينتهم الألماني-الأميركي”.
احتمالات كثيرة
وتابعت “هناك احتمالات كثيرة لما حدث. ربما تم تسميمه، ربما تم حقنه بمادة ما، ربما مات نتيجة سوء المعاملة خلال أكثر من 1500 يوم من الحبس الانفرادي. ربما تم شنقه. ربما يكون على قيد الحياة. لا نعرف”.
وأشارت غزاله شارمهد إلى أنه بدون أدلة “لا يمكننا القفز إلى استنتاجات”، مشددة على أن الحكومتَين الألمانية والأميركية لم تقدما أي دليل إضافي على الإعدام.
وكانت قضية جمشيد شارمهد محاطة منذ فترة طويلة بالغموض.
لم يفد أحد من السجناء الآخرين عن رؤيته رغم أن حاملي جوازات السفر الأجنبية معروفون بأنهم يتقاطعون بانتظام في سجن إيوين في طهران. وخلال فترة احتجازه، أجرى جمشيد شارمهد عددا من المكالمات الهاتفية مع عائلته، لكن لم يُسمح له مطلقا بالكشف عن مكان احتجازه.
كذلك، قالت غزاله شارمهد إن موقع “ميزان أونلاين” أعلن إعدام والدها خلال الليل بتوقيت إيران، في حين أن عمليات الإعدام في إيران عادة ما تُنفَّذ في الصباح الباكر وتعلن بعد ذلك بوقت قصير من جانب وسائل الإعلام الرسمية.
كما أن إعلان الإعدام لم يكشف عن مكان تنفيذ الحكم، وهو أمر غير مألوف.
وقالت شارمهد “أصبحت الآن مهمة تحديد موعد نهائي لإرسال الجثمان إلى العائلة على عاتق ألمانيا والولايات المتحدة. إذا كانت هناك جثة، يجب إعادتها ونقلها إلينا في أقرب وقت ممكن”.
تجسس
خلال محاكمته، اتُهم شارمهد بالتورط في هجوم على مسجد عام 2008 في مدينة شيراز (جنوب) أسفر عن مقتل 14 شخصا بالإضافة إلى التجسس، وهي تهم رفضها الفريق العامل التابع للأمم المتحدة. ولطالما أكدت عائلته أن شارمهد بريء.
في الولايات المتحدة، ساهم شارمهد في تطوير موقع إلكتروني لحركة معارضة واستضاف برامج إذاعية تنتقد سلطات الجمهورية الإسلامية.
وتقول عائلته إن شارمهد الذي ولد عام 1955 في ظل حكم الشاه، لم يحمل في أي وقت جواز سفر صادرا عن الجمهورية الإسلامية.
وقال الفريق العامل التابع للأمم المتحدة إن توقيفه “التعسفي” يفتقر إلى أساس قانوني ويستند فقط إلى “ممارسته المشروعة لحرية الرأي والتعبير”، في حين قالت منظمة العفو الدولية إن المحاكمة كانت “غير عادلة بشكل واضح”.
وردا على إعلان إعدامه، قررت ألمانيا إغلاق القنصليات الإيرانية على أراضيها، لكن الإجراء لم يشمل السفارة الإيرانية في برلين.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك حينها إن برلين “أبلغت طهران بشكل متكرر وواضح أنه ستترتب على إعدام مواطن ألماني عواقب وخيمة”.
لكن غزاله شارمهد قالت إن ذلك الإجراء لم يكن كافيا وانتقدت الإدارتين الألمانية والأميركية لتقاعسهما.
وأوضحت “كان من الممكن أن يكون ذلك هو الرد الأدنى قبل أربع سنوات (عند توقيفه). هل هو كافٍ الآن؟ كلا. إذا لم نفهم أنه لا ينبغي أن يكون لنا سفارات أو أعمال أو مفاوضات مع الإرهابيين الإسلاميين، فأنا لا أعرف ما سنفعله”.
وختمت قائلة “كان لدى الحكومتين (الأميركية والألمانية) الكثير من الفرص للحصول على إطلاق سراح والدي أو على الأقل إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه. إنهما متواطئتان في الجرائم المرتكبة بحق والدي”.
توفي قبل تنفيذ حكم إعدامه
ونقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية أصغر جهانكير قوله اليوم الثلاثاء إن المواطن الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد توفي قبل تنفيذ حكم إعدامه الذي أعلنت عنه طهران أواخر الشهر الماضي.