9 سبتمبر
بوسف اليوسف – كاتب وباحث سوري
تأخذنا أغنيات أسمهان وفريد الأطرش الى دنيا من الخيال لا صلة لها بعالمنا، وقلّما نجد فناناً يحمل من النقاء و العطاء والمحبة والمشاعر ما يجعلنا نكاد نعتقده قادماً من يوتوبيا!
عُرف فريد الاطرش منذ انطلاقته بأحاسيسه المرهفة التي ترجمها لحناً وغناءً ، وكان طابع الحزن قد بدأ يغلّف أعماله الفنية منذ أن فقد شقيقته أسمهان عام 1944 وهي في ريعان شبابها ، فكان فريد توأم روح أسمهان ، وكانت بدايتهما الفنية سوياً في أواخر عشرينات القرن الماضي.
فريد هو الوحيد في الأسرة التي تلجأ له أسمهان في أحزانها قبل أفراحها وهو من أخذ بيدها إلى عالم الفن، وقد لحن لها العديد من الأغنيات الخالدة كما مثّلا سوياً فيلمهما الأول (انتصار الشباب) الذي عرض عام 1941 كما ولحن لها اغنيات فيلمها الثاني والاخير (غرام وانتقام) عام 1944 لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن فريد غنى لأسمهان في عدة مناسبات، قد نسمع هذه الأغنيات الآن ولا نعرف مناسبة غنائها، فبعد عرض فيلمها الأول اعتزلت أسمهان الفن لتعود لزوجها السابق ابن عمها الأمير حسن الاطرش وتستقر معه في سوريا، وتبدأ مهمتها الوطنية، 1941 فغنى لها شقيقها فريد أغنيه (يا نسمة تجري إلى دار الحبيب)، وفي عادت اسمهان بعد طلاقها إلى مصر لتعود بقوة للساحة الفنيه في فيلمها الأسطوري غرام وانتقام، فغنى لها فريد ترحيباً بعودتها أغنية (ختم الصبر)..
أما في رثاء شقيقته أسمهان غنى فريد اغنية (كفاية يا عين) كما غنى (يا منى روحي سلاماً) وأهدى لروحها أيضاً (يا زهرة في خيالي).
إن مقتل أسمهان عرّض فريد لنوبة قلبية حادة تكررت عند وفاة والدته أيضاً وكانتا السبب بوفاته، لكنه ومنذ وفاة أسمهان حتى آخر ألحانه كان يشترط على أي فنانة تغني من ألحانه أن يسمع بصوتها شيء من أغنيات أسمهان وكأنه كان يَدرُس صوتهنّ على مقياس أغنيات أسمهان فكان أداء أغنياتها و بلا شك الأكثر صعوبه إطلاقاً.
قبل وفاة فريد الاطرش كانت وصيته الأخيرة أن يُدفن بجانب أسمهان في مصر وكان له ما أراد رغم صعوبة نقل جثمانه آنذاك من لبنان الى مصر ، عساهما الآن يغردان في الجنة سوياً! تُرى هل هم كُثر من يحملون الآن في قلوبهم كل هذا الحب والتفاني؟